الفيسبوك سيفًا مسلطًا على الفلسطينيين

الإثنين 30 أيار 2016

في كانون الأول من عام 2014 وبعد أشهر قليلة من العدوان على غزة، بدأ الأسرى الفلسطينيّون في سجون الاحتلال يستقبلون في أقسامهم أعدادًا متزايدة من الأسرى الجدد بأنواع جديدة من التّهم لم يعتادوا على سماع مثلها من قبل. في العادة تكون التّهمة المتوقعة لأسير فلسطيني هي الانتماء لتنظيم فلسطيني ما، أو المشاركة في عملية، أو حيازة سلاح، وما إلى ذلك. لكن التّهمة «العصريّة» اليوم والمستجدة على ساحة الأسرى هي تهمة «التّحريض على الفيسبوك»، أو اختصارًا كما يقول الناس حينما يتم سؤالهم عن سبب اعتقال فلان: «أخذوه على الفيسبوك».‎

كان أول الصيد ثمانية فلسطينيين من القدس من مختلف التّوجهات والانتماءات، تم اعتقالهم في ليلة واحدة، وتم التّحقيق معهم كلّهم بسبب منشوراتهم على الفيسبوك، ومنها منشورات تتعلق بأداء المقاومة خلال العدوان الأخير، منهم أمين سر إقليم حركة فتح سابقًا عمر الشلبي.

بعد مرور خمسة شهور، وتحديدًا في 12 أيار، صدر الحكم بسجن الشّلبي تسعة شهور فعلية، بالإضافة إلى خمسة شهور أخرى مع وقف التّنفيذ بسبب منشورات اعتبرتها المحكمة تحريضًا على «العنف والارهاب». كان هذا القرار أول حكم في تاريخ محاكم الاحتلال الإسرائيلي يتعلق بالنشر على وسائل الإعلام الاجتماعي. ومنذ ذلك الحين، أصبح النشر على الفيسبوك أو ما يُسمى «التحريض» موضوعًا شائعًا في أروقة المحاكم الإسرائيلية، وارتفعت مدة الحكم التي تطالب بها نيابة الاحتلال.

في مدينة القدس وحدها، وبحسب معلومات لجنة أهالي الأسرى المقدسيين، اعتقلت شرطة الاحتلال خلال العام 2015 ما يقارب 45 فلسطينيًا وحققت معهم بخصوص منشوراتهم على الفيسبوك. ووفق هيئات حقوقية فلسطينية، فقد بلغ عدد الفلسطينيين المعتقلين منذ بداية الهبة في تشرين الأول الماضي وحتى بداية شهر نيسان الماضي في قضايا الفيسبوك ما يقارب 140 فلسطينيًا. وقد كان صاحب أعلى حكم في قضايا الفيسبوك حتى اليوم، الأسير المقدسي عدي بيومي، الذي حكم بالسجن الفعليّ 13 شهرًا إضافة إلى أربعة شهور مع وقف التنفيذ.

المحامي فادي قواسمي، محامي هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، قال إنه «على الرغم من وجود مادة قانونية تتعلق بذلك، إلا أنه لم يكن هناك تشديد واسع -إن صح التعبير- من طرف محاكم الاحتلال في التعامل مع التهم التي تسمى «التحريض»، ولكن بمجرد أن تنبّه الاحتلال أن الفيسبوك من الممكن أن يكون سيفًا مسلطًا على رقاب الفلسطينيين، بدأت تتزايد قضايا الاعتقال على هذه الخلفية».

كانت محاكم الاحتلال تفرج عن المعتقل على خلفية «التحريض» بكفالة ماليّة حتى انتهاء الاجراءات القانونية، أو تكتفي بسجنه فترة مع وقف التنفيذ، أو سجنه لشهور قليلة جدًا. أما اليوم فإن المحاكم تمدد اعتقال هؤلاء ولا تسمح بالإفراج عنهم بكفالات، كما أن نيابة الاحتلال صعدت في الأحكام التي تطلبها، وقد وصلت في إحدى الحالات إلى ثلاث سنوات، بحسب قواسمي.

كيف تتم الإدانة في «قضايا الفيسبوك»؟

تقوم شرطة الاحتلال وبالأخصّ في مدينة القدس بمصادرة كافة أجهزة الحواسيب والهواتف النقالة التي تكون بحوزة أو في بيت الشخص المعتقل. ومن خلال خبراء تكنولوجيين تتمكن من التأكد أن الـIP (بروتوكول الإنترنت) الذي كتبت منه المنشورات على الفيسبوك هو نفسه الــIP الخاصّ بجهاز حاسوب المعتقل.

وتستعين نيابة الاحتلال في إثبات ذلك بقرارات تستصدرها من المحاكم تأمر إدارة شركة الفيسبوك بالكشف عن المعلومات المتعلقة بحساب الفيسبوك محلّ الاتهام. على سبيل المثال، ورد في رسالة وجهتها محكمة الاحتلال في حيفا إلى شركة فيسبوك بتاريخ 20 تشرين الثاني 2015 الأمر بتسليم «معلومات حول رقم الــIP بالإضافة إلى أي معلومات أو وثائق أخرى من الممكن أن تساعد في الوصول إلى المتهم، صاحب الحساب كذا وكذا، والذي يمكن الوصول إليه عبر الرابط…». وهي الرسالة التي تتعلق بقضية الشاب أنس الخطيب من شفا عمرو والذي اتهم بالتحريض على الفيسبوك، وما زال ينتظر النطق بالحكم ضده.

المحامي آرام محاميد، والذي يمثل الخطيب عن طريق المركز القانوني «عدالة»، يقول بأن شروط الاستخدام التي نضغط كلنا بالموافقة عليها عند إنشاء حساب فيسبوك، بدون أن نقرأها أو نتمعن فيها، تسمح لإدارة الفيسبوك بتسليم معلومات تطلبها السلطات الحاكمة في أي دولة في حال أمرت المحكمة بذلك.

أما محمد محمود، محامي هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ومن واقع متابعته لكثير من الملفات التي تتعلق بالفيسبوك في القدس، يقول أنه لم تمر عليه أي حالة قامت فيها نيابة الاحتلال بالطلب من فيسبوك الكشف عن معلومات المستخدم، لأن المعلومات موجودة عندها غالبًا بفعل مصادرة حاسوب المعتقل. ويضيف محمود بأن مثل هكذا طلب يتم اللجوء إليه في حال لم تكن الأدلة الموجودة لدى النيابة كافية لربط الشخص المعتقل بحساب الفيسبوك الذي يدور الحديث عنه.

شروط الاستخدام التي نضغط كلنا بالموافقة عليها، تسمح لإدارة الفيسبوك بتسليم معلومات تطلبها السلطات الحاكمة في أي دولة في حال أمرت المحكمة بذلك

وبحسب تقرير الشفافية الذي تصدره فيسبوك بشكل نصف سنويّ، فإن سلطات الاحتلال طلبت منها من شهر تموز 2015 وحتى كانون الأول 2015 معلومات حول 340 حسابًا على الفيسبوك، قامت الأخيرة بتلبية الطلب بـ 59.52% من الحالات. وبحسب ذات التقرير أزالت إدارة فيسبوك في ذات الفترة 236 مادة من على موقعها بسبب اختراقها للقوانين الإسرائيلية، ومن ضمنها إنكار حدوث المحرقة النّازية.

وبالرجوع إلى المعتقلين على خلفية النشر على الفيسبوك، فإن موضوع ملائمة الـIP أكثر تطبيقًا في القدس والأراضي المحتلة عام 1948، لأن إمكانيات شرطة الاحتلال هناك، أكثر تطورًا من تلك التي يملكها جيش الاحتلال في الضفة الغربية. «لا وقت للنيابة العسكرية في الضفة الغربية لانتظار تقرير خبير تكنولوجي، ولا توجد لها نفس الأقسام والموارد البشرية الموجودة لدى النيابة في الأراضي عام 48 والقدس»، يقول قواسمي. لذلك في غالب الأحيان تحصل الإدانة في قضايا الفيسبوك أمام المحاكم العسكرية في الضفة بناء على اعتراف المعتقل.

أما في حال لم يعترف الشخص بملكيته للجهاز، ولم تتمكن سلطات الاحتلال – خاصة في الضفة الغربية – من إثبات أن الحساب يعود له، فإن المحكمة تكتفي بقرائن أخرى غير عنوان الـIP للدلالة على أن الحساب له. أحد من اعتقل على هذه الخلفية أنكر أن الحساب يعود له، ولكن المحكمة لم تقبل ادعاءه لوجود صور له ولعائلته على الجهاز، ولتحقيقهم مع بعض أفراد العائلة وتأكدهم من أن الصّور تعود للشخص وللعائلة ذاتها.

أما في حالة أخرى، أنكر المعتقل أن الحساب له، وفي المقابل، لم تعثر شرطة الاحتلال على أي جهاز خلوي أو حاسوب يعود له، ولم تكن على حسابه أي صورة له أو لأحد أقاربه، فلم تستطع إدانته وأفرج عنه.

ويقول قواسمي إن الكثير من المعتقلين يعترفون أمام المحققين أن الحساب يعود لهم، ويقولون أن أحدهم اخترقه وكتب تلك المنشورات «التحريضية». إلا أن هذا الادعاء – بحسب قواسمي – لا تقبله المحكمة، لأن «البينة على من ادّعى»، وفي هكذا حالة على المعتقل تقديم دلائل واثبات أن الحساب تم اختراقه فعلًا.

وبعد أن يحسم السؤال عن تبعية الحساب الفيسبوكي للشخص المعتقل، يصبح السؤال معرض التداول بين هيئة الدفاع ونيابة الاحتلال: هل ما كتب «تحريض» أم لا، وما نسبة تأثيره على من قرأه وانكشف له؟

وعادة ما تبدأ نيابة الاحتلال لوائح الاتهام التي تقدمها ضد المعتقلين بالإشارة إلى «الظروف الأمنية المتدهورة» التي صاحبت ظهور تلك المنشورات على الفيسبوك، وهو ادعاء كثيرا ما يتم توظيفه إسرائيليًا من أجل تسويغ أية اجراءات تصعيدية جديدة، اعتمادًا على المعادلة «أن الوضع الأمني لا يسمح بالتساهل مع هكذا نشر».

وفي معرض النقاش القضائي في محاكم الاحتلال حول تهم «التحريض» على الفيسبوك، تستدعي نيابة الاحتلال كل منشور نشره المعتقل على حدة، وتتطرق لكافة تفاصيله. يشمل ذلك الحديث عن التاريخ الذي نشر فيه المنشور، وهل جاء تفاعلًا وردًا على حدث ما وقع في ذلك اليوم، كوقوع عملية طعن مثلًا، مرفقًا بشرح عن تلك العملية وعدد الجرحى والقتلى فيها. وبحسب المحامين فإنه في غالبية القضايا التي تعاملوا بها كان الحديث يدور عن منشورات عامة بحيث يمكن قراءتها في حال لم تكن «صديقًا» لدى صاحب حساب الفيسبوك. إلا أن ذلك لا يعني عدم متابعة المنشورات غير العامّة المخصصة فقط للأصدقاء. يذكرنا المحامي محمود بالحسابات الوهمية التي ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية عن إنشائها من أجل مراقبة منشورات الفلسطينيين على الفيسبوك.

كما تذكر لوائح الاتهام عدد الإعجابات التي حظي بها المنشور، بالإضافة إلى الإشارة إلى أعداد الأصدقاء والمتابعين لدى المعتقل على حسابه على الفيسبوك، وفي حال كان أعداد الأصدقاء منخفضًا تلجأ النيابة إلى الإشارة إلى أصدقاء أصدقائه، باعتبار أن دائرة الانكشاف للمنشورات قد تتوسع.

وفي حالات أخرى، تذكر نيابة الاحتلال في لائحة الاتهام عدد المشاركات والتعليقات التي حظي بها المنشور. وعادة ما تستدل النيابة بهذه الأرقام للدلالة على «قوة ومدى انتشار المنشور»، حتى لو كان الحديث يدور عن أرقام منخفضة، فمثلًا الأسير سامي دعيس، الذي حكم بالسجن 8 شهور، حظيت إحدى منشوراته بخمسة إعجابات فقط، بينما حظي الآخر بتسعة إعجابات.

ومن خلال مراجعة عدد من لوائح الاتهام المقدمة ضد معتقلين فلسطينيين بسبب منشوراتهم على الفيسبوك، تتضح دائرة متنوعة بعض الشيء من المنشورات التي قد تجعل عددًا كبيرًا من الفلسطينيين مستهدفًا بهذه الاتهامات.

النوع الأول من المنشورات، والذي يعتبر «الأكثر خطورة» من قبل قوات الاحتلال، هو الكتابة المباشرة التي تدعم المقاومة الفلسطينية وتشجعها وتدعو إلى مهاجمة قوات الاحتلال ومستوطنيه، كدعوة أحدهم إلى تكثيف عمليات الطعن والدهس واطلاق النّار كنشر صورة سكين مع تعليق «اطعن»، أو كقول غيره: «اغضبوا وطهروا القدس والأقصى من اليهود الأنجاس»، وهي العبارة التي اعتبرتها نيابة الاحتلال في حالة عمر الشلبي «دعوة للقتل» وبالتّالي نوعًا من «التحريض».

إلا أن مستخدم الفيسبوك الفلسطيني قد لا يسلم من سجون الاحتلال، حتى لو كتب جملًا أقل حدّة مما سبق، ففي لائحة اتهام الشاب عدي سنقرط (قضى حكمًا بتسعة شهور) اعتبرت نيابة الاحتلال عبارة «لبيك يا أقصى» نوعًا من «التحريض». وفي حالة الشاب أنس الخطيب فإن إحدى المنشورات التي عرضتها النيابة ضدّه كان عبارة عن مشاركة فيديو نشر على صفحة شهاب الإخبارية لجنازة الشهيد معتز زواهرة من مخيم عايدة، وكتب مرفقًا بهذه المشاركة «المجد لك يا رفيق، كان لي شرف اللقاء بك». وشاب ثالث نشر صورة لجاره الشهيد واعتبرتها النيابة «تحريضًا».

وعادة تعتمد لوائح الاتهام الإسرائيلية على الادعاء بأن هناك تسلسلًا وتراكمًا في نشر «المحتوى التحريضي»، إلا أن ذلك لا يعني أنها تستسلم في حال لم تعثر سوى على منشور واحد فقط. ولأنها لا تستطيع إصدار لائحة اتهام بمنشور واحد فقط، تلجأ نيابة الاحتلال فورًا في هكذا حالات إلى الاعتقال الإداري، وخاصة في الضفة الغربية حيث يسهل إصدار أوامر الاعتقال الإداري. على سبيل المثال، وبحسب القواسمي، حوّلت سيدة من الخليل إلى الاعتقال الإداري بعد أن كتبت على الفيسبوك أنها تشتاق للقاء زوجها المتوفى.

أما الطالبة جورين قدح (19 عامًا) فتقول بأن قاضي المحكمة العسكرية كان على وشك الإفراج عنها، خاصّة أنه لم تقدم ضدّها أي تهم، وأن التحقيق معها تكوّن من سؤال واحد فقط هو «ما التنظيم الذي تنتمين إليه»، إلا أن أحد ضباط النيابة العسكرية في جلسة المحكمة طلب أن يتم فتح حساب الفيسبوك الخاص بها. لم يجد الضابط أي شيء يمكن أن يجلبه إلى طاولة المحكمة ليدّعي أنه «تحريض» سوى عبارة واحدة تقول فيها : «فإن رحلت فدثروني بجوامع الدعاء»، قام بتفسيرها على أنها نيّة للقيام بعمل ضدّ الاحتلال. ولعدم وجود عدد كافٍ من المنشورات «التحريضية» باعتبارات دولة الاحتلال، لم تقدّم ضدّها لائحة اتهام بالتحريض، إلا أنها حوّلت للاعتقال الإداري لمدة ثلاثة شهور.

من هم المستهدفون؟

لا بدّ لدولة الاحتلال في كل موجة من المواجهة مع الفلسطينيين أن تضع عنوانًا تستهدفه وتسوّقه أمام جمهورها للدلالة على نجاحها في «قمع الإرهاب الفلسطيني». وفي حالة الهبة الشعبية الأخيرة، لم يكن هذا العنوان واضحًا، إذ لا خلايا عسكرية يمكن تتبعها أو كشف اتصالاتها كما كان يحصل في الانتفاضة الثانية. ومن الصعب كشف عملية يتم تخطيطها وتنفيذها بشكل فردي وبأدوات متوفرة في كل منزل.

في ظل غياب العنوان الماديّ الواضح أمام الاحتلال لاستهدافه، ظهر الفيسبوك، وخاصة مع انتشار استخدامه في المجتمع الفلسطيني كوسيلة إخبارية بالدرجة الأولى، كعنوان مناسب وسهل التبني. وبناء على هذا رأينا في الأسابيع الأولى للهبة الشعبية تركيزًا إسرائيليًا مكثفًا على المستوى السّياسي والمستوى الإعلامي في الحديث عن دور الفيسبوك في تأجيج الهبة وتشجيع النّاس على المشاركة فيها، وسط استخدام ممجوج ومكرر لكلمة «التحريض».

يتفق قواسمي مع ما طرح أعلاه، وينبّه إلى أن الاعتقال في قضايا الفيسبوك تحوّل إلى أداة ردع توجهها شرطة الاحتلال ضدّ الناشطين مجتمعيًا وسياسيًا، ففي حال لم تجد ما يكفي من الأدلة لتدينهم بتهم تتعلق بهذا النشاط، فإنها تلوذ إلى الفيسبوك في محاولة لإيجاد أي تهمة تقيد بها حريتهم. يخبرنا قواسمي أن أحد الشّبان، والذي كان كثير التواجد والحضور في المسجد الأقصى، لم تملك نيابة الاحتلال أي شبهة توجهها لها، ولكنها ترغب في اعتقاله، فلجأت إلى صفحته على الفيسبوك لتجد منشورًا منذ العام 2012 تحاكمه عليها، كمجرد ذريعة لتقييد حريته.

إذن، فإن الفئة الأولى من المستهدفين هم النشطاء الميدانيون ممن ترغب سلطات الاحتلال في تحييدهم، أو أولئك المعروفون مسبقًا لدى أجهزة المخابرات. أما المستهدفون الآخرون فيتم الوصول إليهم بطرق مختلفة، منها ما ذكرناه سابقًا عن الحسابات الوهمية التي يقف خلفها أفراد أجهزة الأمن الإسرائيلية. ومنها ما يتعلق بالشّراكة بين القطاع التّكنولوجي الخاص وأجهزة الأمن الإسرائيلية، فبحسب تقارير إسرائيلية، تعاقد جيش الاحتلال مع شركات تكنولوجية إسرائيلية من أجل بناء خوارزميات يتم من خلالها الوصول إلى المنشورات على الفيسبوك أو الرسائل على الواتساب، والتي «تشتبه» سلطات الاحتلال بكونها «تحريضية». وفق هذا الاتفاق، فإن المستخدم الذي يكتب كلمة مثل «شهيد» أو «مظاهرة» يسترعي الانتباه وتتم تكثيف مراقبته.

من خلال التناول الإعلامي المبالغ والتهويل في عبارات لوائح الاتهام، توظف سلطات الاحتلال قضايا الاعتقال بسبب الفيسبوك كأداة لتخويف الفلسطينيين ودفعهم للابتعاد عن الهمّ العام الذي يجمعهم. وهكذا ينشغل كل حريص على تفادي اعتقاله بسبب ما يكتب بالسؤال: «هل لو كتبت كذا سأعتقل؟ هل هذه العبارة تعتبر لديهم تحريضًا؟». وهو انشغال قد يؤدي في نهاية المطاف إلى نوع من الرقابة الذاتيّة وتكميم الأفواه. في المقابل، يتحدث كثيرون وبالأخص في القدس، أكثر مدينة اعتقل فيها بسبب الفيسبوك، عن أن هذه الرقابة الذاتية لا تعني بالضرورة الخوف أو الاستجابة لسياسة الردع، إنما قد تعني ذكاءً واستثمارًا للجهود في نشاطات ميدانية تؤثر في واقع المدينة وتحسن من حياة أهلها.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية