خصوصية الصور في فيسبوك وإنستغرام وواتسآب: ماذا يحدث بعد أن تنقر «أوافق»؟

الأربعاء 21 تشرين الأول 2015
facebook whatsapp instagram

عندما أنشأت حسابي الأول على فيسبوك عام 2009 كانت شهرة الموقع تنتشر بسرعة، وعام 2010 وصل عدد مستخدميه إلى 15 مليون شخص في الشرق الأوسط، وأكثر من 880 ألف مستخدم في الأردن؛ 70% منهم تحت سن الخامسة والعشرين. ساعدني صديقي في فتح الحساب، وقال لي أن أضغط Ok كلما ظهرت لي، وأن أملأ الفراغات بالمعلومات المطلوبة. اعترض طريقي نص طويل لم أقرأ منه حرفًا، وعلمتُ اليوم أن هذا النص الذي تجاهلته يسمّى سياسة الخصوصيّة.

المرة الأولى التي قرأت فيها ذلك النص، كانت مع كتابتي لهذا المقال، وردة فعلي كانت الصدمة، خاصة بعد أن بحثت عن جواب لسؤال: ما الذي يحصل عندما ينشر أحدهم صورة، أو يتلقى صورة  عبر فيسبوك وإنستغرام وواتسآب؟

سياسات التخزين

تمتلك المواقع الثلاثة، في اللحظة التي تقرّر فيها الانضمام وإنشاء حساب لديهم (Sign up)، جميع معلوماتك: كلمة السر (في فيسبوك وإنستغرام)، والإيميل، ورقم الهاتف، والمحتوى كاملاً. والحجّة المعلنة هي الرغبة في تسهيل إيجاد حسابك على هذه المواقع من قِبل المستخدمين، أو لغايات تطوير الخدمة. هذا في حالة استعمالك لفيسبوك وانستغرام، أما الواتساب فلا يحتفظ أبدًا بالرسائل النصّية المرسلة من خلاله، حيث أنها تُحفظ على جهاز المستخدم نفسه. لكنّ الملفّات؛ مثل الصور، يتم الاحتفاظ بها لفترة معيّنة غير محددة من قِبل الموقع.[1]

إن عملية استخدام هذه المواقع من قِبلك تتكوّن من ثلاثة أطراف: مستخدم (أنت)، ومزوّد خدمة خارجي (Third-party)، وقناة التواصل بينهما. ويكون المزوّد أو الشركة بمثابة مستودع بيانات؛ ليس فقط بياناتك الشخصية وكل المحتوى العام الذي أرسلته والمحتوى الذي أرسِل لك، بل أن تحرّكاتك والصفحات التي تزورها (Log file information) مخزّنة لدى المزوّد. لكنها تُخزَّن بصورة رقميّة بدون هوية ترتبط بك؛ لأي ا أسماء أو أي معلومة تعرّفك شخصيًّا. وفي المقابل، يتم تخزين عنوان الـIP الخاص بجهازك الذي تصلك الخدمة من خلاله. وهكذا يستطيع القائمون على هذه المواقع معرفة الجهاز وتحديد موقعه الجغرافي. وتجدر الإشارة إلى أن إنستغرام يجمع معلومات عن الإيميلات التي يرسلها هو للمستخدم[2]، ويستطيع معرفة أي الإيميلات تم فتحها وأيها لا، وكالعادة بحجّة تحسين الخدمة[3].

وبمجرّد انضمامك لهذه المواقع، فإنك توافق على أن صورتك تلك يتمّ تخزينها لدى مقرّات الشركات المالكة في الولايات المتحدة والدول الأخرى لمدة غير مُعلنة. ولا يوجد إعلان صريح حول مصير هذه الصورة بعد مسحها، لكنها تُلغى من الموقع ولا نعلم مصيرها في المزوّد. إلّا في حالة فيسبوك الذي أعلن أن بياناتك يتم مسحها بعد مسح الحساب الشخصي.[4]

ولا تتحمّل المواقع سابقة الذكر، مسؤولية أي ضرر يتعرّض له المستخدم في حال تمت سرقة معلوماته أو تعرّضه لمحاولات نصب عن طريق رسائل وهميّة وما شابه ذلك. لكنها تتعهّد بعدم مشاركة المعلومات الشخصية، بما فيها الصورة الشخصية والإيميل ورقم الهاتف، أو المحتوى، مع أي جهة خارج مؤسساتها، أو خارج الشركات التي تكون مساهمة معها إلا بقبولك ذلك كل مرة، وفي بعض الحالات الاستثنائيّة؛ لغايات الإعلان والدراسات أو المذكّرات القضائيّة.[5]

سياسات الاستخدام

إن كانت الصورة المنشورة علنية (Public) في فيسبوك، أو كان حسابك مفتوحًا في إنستغرام، فأنت تعطي لمستخدمي الموقعين حق رؤيتها، ومشاركتها، وإعادة استخدامها دون الرجوع إليك كمصدر. وتسمح لهم أيضًا بأن يعثروا على هذه الصورة من خلال البحث عبر الموقع.[6]

حتى إن كانت الصورة مخصصة فقط للأصدقاء أو المتابعين، أو مرسَلة لشخص ما تحديدًا (مع الاعتبار لسياسة واتسآب المتميزة بعض الشيء، لأنها تحتفظ بالملفات فقط)، فيمكن، إن قرّر القائمون على الموقع ذلك، أن يتم جمعها ضمن عملية بحثية تهدف لتحسين الخدمة، أو تتمّ مشاركتها مع شركات إعلان حتى تستطيع التنبؤ بما قد يهمُّك. وهذا الطرف الأخير، حسب تعبير فيسبوك وإنستغرام في سياسة الخصوصية، يمتلك ولوجًا قانونيًّا لمعلوماتك لكن بحدود معقولة تحترم الخصوصية، لكنّ هذه الحدود غير معرّفة.[7]

في حالة وجود مذكّرة قضائية باسمك، فمن الممكن للمواقع الثلاثة مشاركة معلوماتك الشخصية، والمحتوى المتوفر كاملًا،  والصفحات التي تدخل إليها مع السلطات القضائية. وكون المرء يعيش ويستعمل هذه المواقع من خارج الولايات المتحدة، من الأردن على سبيل المثال، فإن هذا لا يعني أبدًا أن المستخدم بعيدٌ عن المحاسبة، فمن الممكن أيضًا لهذه المواقع (عدا واتسآب التابع فقط لقانون ولاية كاليفورنيا) أن تستجيب لأي استدعاء قضائي أو مذكّرة تفتيش بحقك، كمستخدم،  طالما أنهم «يمتلكون إيمانًا جيّدًا» بأن هذا الطلب مُبرّرٌ قانونيًّا، وطالما تولّد لديهم الشعور بأن القانون والمبادئ التي يؤمنون بها تدعوهم لذلك، وأن المستخدم الذي توجد دعوى قضائية بحقه يؤثر على باقي مستخدمي الموقع محليًّا وعالميًّا. أي أن الأمر متوقّف على مشاعرهم التي لا نعرف ما الذي يحرّكها بالضبط، تحت هذا البند الفضفاض والذي يُعطي الصلاحيّة للدول بمراقبة من تريد.[8]

ومن الملاحظ أن هناك تزايدًا في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في المحاكم كأدلة في قضايا الطلاق والقتل، وحتى قضايا تعاطي المخدّرات والتحرش الأطفال وخصوصًا عبر الحسابات الوهمية. وفي تقرير الشفافية لفيسبوك في النصف الأول من عام 2014 لوحظ  تزايد طلب الحكومات معلومات عن المستخدمين، بزيادة قدرها 24% عن العام الذي سبقه. وهذه الدراسة تذكر تفاصيل هائلة وأمثلة عديدة؛ منها أن شابًّا قام بنشر صورة له على فيسبوك وهو يسرق البنزين من سيارة شرطة، وشابًا آخر قام بسرقة محتويات منزل ما وثم قام بنشر صورة له مع المقتنيات التي قام بسرقتها، حيث تمت إدانتهم عن طريق هذه الأدلة.

خاتمة

بين المواقع الثلاثة، والمملوكة جميعها لفيسبوك، يمكن اعتبار واتسآب الأقل سوءًا فيما يتعلق بسياسات الخصوصية. وقراءة سياسات الخصوصية في المواقع الثلاثة لن تغيّر من حقيقة كون هذه المواقع من الأكثر استخدامًا في العالم، لكنها ربما تدفعنا للتعامل بحذر أكثر مع ما ننشره عبرها، لأن ما ننشر لا يراه أصدقاؤنا فقط، بل جهات عديدة، قد تكون الحكومة إحداها.


سياسات الخصوصية الخاصة بالمواقع الثلاثة: فيسبوك، إنستجرام، واتسآب.

[1]  فيسبوك: قسم «ما نوع المعلومات التي نجمعها؟» في سياسة الخصوصية، إنستغرام: قسم رقم 1، واتسآب: قسم رقم 5.
[2]  يذكر إنستغرام أنه يجمع معلومات عن الإيميلات المُرسَلة «لتيسير تتبعنا لأي من الايميلات فتحت والروابط التي نقرها المستخدم لنكون أكثر دقة».
[3]  فيسبوك: قسم «ما نوع المعلومات التي نجمعها؟» في سياسة الخصوصية، إنستغرام: قسم رقم 1، واتسآب: قسم رقم 5.
[4]  فيسبوك: قسم «كيف يمكنني إدارة أو مَسْح معلومات عني؟»، إنستغرام: قسم رقم 4، واتسآب: قسم رقم 11.
[5]  فيسبوك: قسم «كيف تمت مشاركة المعلومات؟»، إنستغرام: قسم رقم 3، واتسآب: قسم رقم 5.
[6]  فيسبوك: قسم «كيف تمت مشاركة المعلومات؟»، إنستغرام: قسم رقم 3، واتسآب: قسم رقم 5.
[7]  فيسبوك: قسم «كيف تمت مشاركة المعلومات؟»، انستغرام: قسم رقم 3، واتسآب: قسم «عندما يفصح واتسآب عن المعلومات».
[8]  فيسبوك: قسم «كيف نتعامل مع المذكّرات الشرعية أو منع الأذى؟»، إنستغرام: قسم رقم 3، واتسآب: قسم «عندما يفصح واتسآب عن المعلومات».

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية