الرأي فتحت صفحة الثورة

الخميس 24 آذار 2011

في إحدى أكبر التظاهرات الأسبوعيّة التي تقام كل يوم جمعة بوسط البلد بعمّان، خرج المتظاهرون معبّأين بالنسخة الأردنيّة للأجندات المصريّة ووجبات “الكنتاكي”، النائب يحيى السعود الذي سطّح حالة الحراك الشبابيّ باعتباره أن من يتظاهر “واحد فاضي أشغال يتسلى هو وصاحبته”، داعياً إلى توزيع وجبات “همبرغر وشاورما” عليهم.

اجتذبت المظاهرات يومها (25 شباط) عدة آلاف، فصل بينها وبين مسيرة للعشرات لـ”موالاة الملك” حاجز من ضباط الأمن. بينما انتشرت يافطات في عمّان تقرّ بولائها للملك، وتهنّئه على عيد ميلاده الذي مضى عليه أكثر من شهر.

في اليوم التالي، خرجت جريدة الرأي الرسميّة بخبر رئيسيّ: “مسيرات كرنفالية تجدد الولاء والانتماء للوطن والقائد“، وخبر صغير في أسفل الصفحة: “مسيرات حاشدة تدعو لإصلاحات سياسية واقتصادية وحل البرلمان“.

كان ذلك ثاني يومٍ يعتصم فيه عمّال وصحافيون بالجريدة أمام المبنى الرئيسيّ احتجاجاً على الأوضاع الماليّة، والظلم في تحديد الرواتب. ووصلت الشعارات إلى حد الاتهام بالفساد.

ومع اقتراب مدة الاعتصام من الشهر، تحوّلت خيمة “الإصلاح والتغيير” إلى مغناطيس سياسيّ جذبت نوّاباً ونقابيين، وسياسيّين، وإعلاميين، وحتى وزراء، بعد أن زارها وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة طاهر العدوان، وذلك تعبيراً عن دعمهم لمطالب الصحافيين.
لكن المفاجأة التي أخلّت بمعايير الاعتصامات العمّاليّة هي المطالبات الصريحة بكفّ يد الأجهزة الأمنيّة عن التدخّل في سياسات الجريدة، والإعلام بشكل عام، التحريريّة.

وبينما يلوّح المعتصمون بالإضراب العام عن العمل يوم السبت القادم، بدأت فعلاً نتائج الاعتصامات تظهر على السطح، وبأحداث لم يكن ليتوقعها أحد.
فقد استقال رئيس مجلس الإدارة أثناء اجتماع له مع المساهمين، مفضّلاً التنحّي على إجابة أسئلة المساهمين الذين حملوا تساؤلات المعتصمين في الخارج إلى الاجتماع.

والآن، بات واضحاً أن منصب رئيس التحرير المسؤول الذي يشغله عبد الوهاب الزغيلات أصبح شاغراً. وعلى وقع هتافات “الرأي تريد تحرير التحرير”، لم يبقَ للزغيلات، وهو نقيب الصحافيين الحالي إلا الإعلان عن عدم ترشّحه لانتخابات النقابة القريبة.

بينما لا يتوقّع الكثير من تعيين رئيس تحرير جديد، إذ تشير التسريبات إلى أن صاحب المنصب الجديد يخضع لشد وجذب من أجهزة الدولة المختلفة. لكن ما يحدث في خيمة “الإصلاح والتغيير” كفيل بتغيير النظرة إلى جريدة الرأي، التي لطالما تمت الإشارة إليها كنموذج للصحافة الرسميّة العربيّة الشموليّة.
ففي الخيمة، تقرأ مساءً المقالات التي لا تنشر بها صباحاً، ويصبح للحوار حول الإصلاحات السياسيّة طعم زاوية من زوايا ميدان التحرير في القاهرة. ويكتشف الجميع أنهم تغيروا إلى الأبد. لكن الرهان يبقى على إيصال الاعتصام إلى مرحلة الإضراب العام، وقتها فقط ستتحرّك الحكومة باتجاه حلّ جذريّ لا يستغفل الشعارات التي رفعت في الاعتصامات، ويبذل جهداً لفهم أن “الرأي” لم تعد كالسابق. ولم يحتج ذلك إلى ثورة لتحقيق هذا السقف العالي.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية