بقلم: عيسى محاسنة

مدير منظمة المشاع المبدع Creative Commons يحاضر في الأردن حول وسائل تتيح حريات أكثر للمؤلفين والعلماء والفنانين عند تسجيل أعمالهم الإبداعية.

إذا أردت أن توزع كتاباً أو تستخدم صورة أو تنزل أغنية من الإنترنت فإنك غالباً ما تصطدم بقوانين الملكية الفكرية. يمكنك أن تتعدى على القانون وتنسخ هذه المواد على جهاز الحاسوب لديك، إلا أنك تصبح معرضاً للمساءلة القانونية ويبقى فعلك هذا غير أخلاقي. ويمكنك من جهة أخرى أن تطلب السماح باستخدام المواد من مؤلفها، ولكنه سوف يكلفك الكثير وعادة ما يستقبل مثل هذا الطلب بالرفض.
فهل هناك طريقة تسمح للمستخدمين بالاستفادة وتوزيع عمل لمؤلف ما، مع احتفاظ هذا المؤلف بجزء من حقوقه، كذكر اسمه أو عدم استخدام هذا العمل للأغراض التجارية أو عدم تعديله على سبيل المثال؟

نعم، هذا ما توفره تراخيص المشاع الإبداعي (Creative Commons)، وهي عبارة عن نصوص قانونية جاءت لوضع بديل لمبدأ “جميع الحقوق محفوطة” بخلق مبدأ جديد هو “بعض الحقوق محفوظة”.
بدأت منظمة المشاع الإبداعي العمل على مثل هذه التراخيص منذ ٢٠٠١، واستطاعت الآن من اعتماد مبادئها في أكثر من أربعين دولة، ويعتبر الأردن الدولة العربية الوحيدة التي قامت بإيجاد ترجمة قانونية لذلك.

“الأن بدأنا العمل في الشرق الأوسط”، هذا ما أكده جويتشي ايتو مدير منظمة المشاع الإبداعي، وأضاف أن “الحوار مع العالم العربي يلعب دوراً مهماً للغاية -لايجاد تشارك عالمي-“. جاء ذلك في ندوة “المشاع المبدع في المنطقة العربية… ضرورة ومزايا” التي أقيمت الأربعاء قي منتدى طلال أبو غزالة للأعمال.
وعلى الرغم أن فكرة المشاع الإبداعي مفهومة من قبل الكثير من المدونين والمهتمين بما يجري في الويب، إلا أنها جديدة كلياً لمعظم الأفراد في الأردن. ويمكن لشخصية مثل جويتشي ايتو أن يدفع المنظمة غير الربحية إلى تحقيق أهدافها في وقت قياسي. أيتو، الذي ما يزال في العقد الرابع من عمره وهو من أهم المستثمرين في شركات الإنترنت، قد تمكن من إيصال أفكار منظمته بوضوح وسهولة ومع استخدام شرائح من العرض التقديمي ذات كلمة واحدة!

وأوضح ايتو للجمهور أين تكمن ضرورة استخدام المشاع الإبداعي. فعلى الرغم أنه لا يمكن لأحد إنكار أن الشعب الأردني ما يزال غير واع بحقوق الطبع وأن معظمه يفضل اللجوء إلى القرصنة والنسخ غير المشروع لعدم وجود رقابة من قبل السلطات، إلا أن الأردن كغيره يتأثر بالعولمة ويجب أن يكون مستعداً لتوفير بديل حقوقي لقوانين الملكية الفكرية التي اعتمدها بدخوله منظمة التجارة العالمية.

ويستفيد من المشاع الإبداعي كل من المؤلف والمستخدم، هذا ما شدد عليه ايتو وضرب على سبيل المثال ألبوم لفرقة الروك العالمية Nine Inch Nails، إذ سامحت الشركة المنتجه للجميع بالحصول على الأغاني ونشرها دون قيود، ومع ذلك قامت بتحقيق ربح مادي كبير. وتضاف على هذا المثال آلاف الحالات من المواد المنشورة على الانترنت باستخدام تراخيص المشاع الإبداعي، والتي أصبحت تنتشر شيئاً فشيئاً وتزداد شهرة، ويمكّن أصحابها من الاستفادة منها مالياً.
وذكر السيد زياد مرقة من شركة طلال أبو غزالة للملكية الفكرية الصعوبات التي واجهها عند قيامه بترجمة تراخيص المشاع الإبداعي إلى اللغة العربية لكي تتلاءم مع قوانين الملكية الفكرية المطبقة في الأردن. ودعا جميع المهتمين إلى المشاركة في النقاش الذي يجري حالياً على صفحة الأردن على موقع المنظمة.

وقد مثلت المحاضرة بداية موفقة للمشاع الإبداعي في الأردن والوطن العربي، عكسه الاهتمام الذي بدا واضحاً على الجمهور الذي أدلى كثير منهم بآرائهم، واستغرب عدد من الحاضرين استخدام كلمة “مشاع” في الترجمة حيث أبدى البعض أنها لا توافق كثيراً عمل المنظمة والتي تدعو إلى “التشارك” أولاً، وتساءل العديد من الطلاب الجامعيين عن مدى تطبيق المشاع الإبداعي في المؤسسات التعليمية الأردنية في المستقبل، إذ أكد إيتو أنها سوف تساعد الجامعات والصحفيين والأشخاص في التشارك في التعليم والثقافة والآراء والفنون.

للمزيد من المعلومات قم بزيارة موقع المنظمة.