“باقون ما بقي الزعتر والزيتون”

الأربعاء 21 تموز 2010

تصوير منار حمارنة

الفيديو من محمد القاق/خبيزة

أماكن معينة أحب أن أذهب اليها كلما تضيق بي مدينة عمان و أضيق بها وأرغب بالتصالح معها. مساحات تضفي علي سكينة القلب بعيدة عن كل مظاهرالترف والإستهلاك و أجواء الصخب الخانقة. من هذه الأماكن حدائق الملك حسين المطلة من بعيد على هذا المشهد ذاته الذي أحب الهرب منه أحيانا. لم أكن مهتمة بالبحث عن سبب الراحة التي أشعرها هناك و لكني أدركته يوم الخميس.

“سنزرع 1500 شجرة من ريع هذا الحفل”، بلَغتنا مقدمة حفل الفنانة اللبنانية الملتزمة مي نصر، الذي اتجهنا لحضوره في الحدائق ليلة الخميس. في البداية عرض فيلم قصير لخص ما يرتكبه الإحتلال الإسرائيلي في حقول الأراضي الفلسطينية. “لما تخلع شجرة عم تخلع إنسان من أرضه” ، وقتها أدركت سر سكينة الحدائق وحاجتنا الإنسانية للاتصال بكل وجود حقيقي، بسيط و غير متغير مثل شجرة.

خبرنا الفيلم أنهم يدركون جيدا العلاقة الوجودية التي تربط الأرض والشجرة مع الفلسطيني، و يبتكرون كافة الأساليب لقمع هذه العلاقة بهمجية ممنهجة و غير ممنهجة. ابتداءا من اقتلاع مليون و نصف شجرة ما بين 2001-2008، الى مصادرة للاّبار الإرتوازية، و إطلاق للخنازير البرية على المحاصيل و حرقها،  يحاول الإحتلال الإسرائيلي “خلع إنسان من أرضه”. ذكرنا الفلم أيضا بالقانون الراجع لأيام الإحتلال العثماني الذي يعطي الحق لدولة الإحتلال بمصادرة الأراضي المهملة من فلاحيها. فضمن الجدار إهمال الفلاح لأرضه بعزله عنها.

“باقون ما بقي الزعتر و الزيتون” هو ما صرخ به الشيخ رائد صلاح، وما عنونت به الأمسية التي ذهب ريعها لزراعة الأشجار في المناطق المتصحرة في فلسطين والأردن .  توافد الحضور من لبنان والضفة و فلسطيني ال48 و الأردن بمخيمتاها، شباب أطفال و عائلات، وكلهم شغف لسماع أغاني مقاومة ذكرتنا بماضينا وحاضرنا.

“على طريق عتيت يمي..قطعوا صلاتي…واحد حبيب الروح و واحد حياتي”
” يا ستي ليكي ليكي…القذايف حواليكي …قوليلون يرموها بعيد…على الجبهة ما عليكِ… ”
“يمان ويلي الهوى يمان ويليا ، درب الخناجر ولا حكم النذل فيا”
“أصبح عندي الآن بندقية، إلى فلسطين خذوني معكم، إلى ربىً حزينة، كوجه المجدلية، إلى القباب الخضر، والحجارة النبيَّة”

هي بعض من الأغاني التي دوى بها صوت مي نصر الملائكي بالمدرج الدائري الساكن على أوتار جيتارها و جيتار همام عيد… مع أنها أغاني تفجرت من خلالها صور للحرب و الشتات و الظلم التي يعايشه بعض من الحضور و يشاهده البعض الأخر ، إلا نها سكنت في انفسهم المتمايلة على وقع تمايل أغصان الشجر، و الذي أختار الحضور و العربية لحماية الطبيعة أن يقاوموا بزراعتها.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية