مراجعة كتاب: "نسيان كوم" لأحلام مستغانمي

الإثنين 12 نيسان 2010

بقلم: رزان العموش

أدخلي الحبّ كبيرة. و أخرجي منه أميرة. لأنّك كما تدخلينه ستبقينه.
ارتفعي حتى لا تطال أخرى قامتك العشقيّة..

في الحبّ لا تفرّطي في شيء. بل كوني مُفرطة في كلّ شيء.
اذهبي في كلّ حالة إلى أقصاها. في التطرّف تكمن قوتك و يخلد أثرك.

إن اعتدلت أصبحت امرأة عاديّة يمكن نسيانها.. و استبدالها .

لا تحبّي… اعشقي
لا تنفقي… أغدقي
لا تصغري… ترفعي
لا تعقلي… افقدي عقلك
لا تقيمي في قلبه… بل تفشّي فيه.

كوني المرأة التي لم ير قبلها امرأة.
و لن تأتي بعدها امرأة… بل مجرد إناث!

كنت أتمنى أن تكون حروفا صففتها أنا لتكون كلماتي، لكنها كلمات أبلغ من حروفي المتواضعة و قاموسي البسيط، تمنيتها لأنها أسرتني .. وأسرتني لأنني حلمت بها ..و حلمت بها – رغما عني- لأنها لمستني .. فلم يكن من الممكن إلا التوحد مع هذا الكتاب الذي شهد تحولي من قارئة حرة تقرأه متى تريد وتفلته متى تريد إلى قارئة مسجونة بقفص فلسفته وروح أفكاره، فأذهب دون أن يلقى علي القبض وألقي بنفسي في زنزانة مفرداته طائعة.

لن أنسى أبدا تلك الليلة… ليلة لم أسمع فيها دقات للساعة ولم أحس بنبضها، ليلة ارتسمت بألوان “مستغانمية” مضى فيها الوقت على ايقاع أنغامها الخاص.

book coverفكان كتاب “نسيان .com” رائعة من روائع أحلام مستغانمي، فبعد ثلاثيتها الشهيرة “ذاكرة لجسد”، “فوضى الحواس”، “وعابر سرير”، تكمل مسيرتها الابداعية برؤية جديدة للسنة العشقية.

فهذا الكتاب هو جزء من مخطط أطول يهدف الى الحديث عن “رباعية الحب الأبدية ” فأحلام تقسم الحب إلى أربعة فصول: فصل اللقاء والدهشة، فصل الغيرة واللهفة، فصل لوعة الفراق، و فصل روعة النسيان. و ابتدأت بفصل النسيان لإيمانها بأن “على النسيان يؤسس الحب ذاكرته الجديدة ومن دونه لا يمكن لحب أن يولد.”

كتبت أحلام كتابها الجديد  “للنساء فقط” و مع ذلك فقد قدمته اهداء الى “الرجال الرجال الذين بمجيئهم تتغير الأقدار” مقرة بأن كتابها هو جرده نسائية ضد الذكورة دفاعا عن الرجولة .. تلك التي وجدت لتعطي لا لتؤذي، لتبني وتحبّ وتهب. و قد وجهت رسالة للرجال، لمن حصل منهم على نسخة منه وقرأه:هذا الكتاب يسمح لمن تسلّل من الرجال هنا، أن يتعلّم من أخطاء غيره من  “الذكور” من باب “تعلّم الأدب من قليل الأدب.

و تورطت أحلام (كما تقول) في هذا الكتاب لرؤيتها بأنه:

اذا كان الحب يملك شفيعا وقديسا، فالنسيان يحتاج الى آلهة.. من أجل مصائب كهذه وجدت العناية الإلهية.. و وجد الأدب..

نصيحة بعد أخرى ولدت من مكالماتها الهاتفية ومواساتها لصديقتها أصبحت الآن كتابا فقد وجدت أن ما تقوله لامرأة يستحق أن تأخذ به علما جميع النساء بعد أن تعبت من نجدة حلقة الصديقات وقبيلة القارئات اللاتي يعشن بالتناوب أسى الخيبات العاطفية، و لهذا كان هذا الكتاب صادقا واقعيا، فكأن أحلام تتكلم عنك أو عن صديقة من صديقاتك عايشت نفس الاسى و مرت بالظروف ذاتها ..  فلا تنتهي من فصل الا قائلا  “بالزبط … صح … انا كمان”.

فانخرطت في هذه الساعات – التي لم ذكر أنني انشغلت بها عن الكتاب بأي شئ آخر – في حزب سياسي بتقسيماته (نسياني) بمطالبه شعاره “أحبيه كما تحب امرأة و انسيه كما ينسى الرجال” فحولتني من فتاة مسالمة في بيتي الى ناشطة في أكبر الإحزاب الجماهيرية على مر التاريخ توقع على ميثاق شرف أنثوي..

و تدعو زميلاتها -ممن عقدن قرانهن على الانتظار- الى المشاركة في الحياة النسيانية للمرأة بدلا من الشكوى للذاكرة العشقية.. فماذا لو جربنا الاستعداد للحب بشيء من العقل؟ لو قمنا بتقوية عضلة القلب بتمارين يومية على الصبر على من نحب؟ أن نقاوم السقوط في فخاخ الذاكرة العاطفية التي فيها قصاصنا المستقبلي ؟ أن ندخل الحب بقلب من (تيفال) لا يعلق بجدرانه شيء من الماضي . أن نذهب إلى الحب كما نغادره دون جراح، دون أسى، لاننا مصفحون ضد الأوهام العاطفية؟ ماذا لو تعلمنا ألا نحب دفعة واحدة، وألا نعطي انفسنا بالكامل، وأن نتعامل مع هذا الغريب لا كحبيب، بل كمحتل لقلبنا وجسدنا وحواسنا؟ ألا يغادرنا احتمال ان يتحول اسمه الذي تنتشي لسماعه حواسنا، إلى اسم لزلزال أو إعصار يكون على يده حتفنا وهلاكنا؟
أيتها العاشقات الساذجات، الطيبات، الغبيات ..
ضعن هذا القول نصب أعينكنّ : ويل لخلّ لم ير في خلّه عدوا
ليشهد الأدب أنني بلغت!

لهذا كان نسيانكم.. نسياننا.. .. و ان أردتن الانضمام الى حزب الصديقات و جماهير المناضلات فعليكم بزيارة  Nessyane.com

أتمنى لو قرأتم ما قرأت. أو ما زالت الفرصة أمامكم لذا لن أستبق الأمور …

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية