دافوس-“ يا برجوازية العالم اتحدوا”

الأحد 17 أيار 2009
محمد فرج

في عام 1864 تأسست في لندن الأممية الأولى (جمعية الشغيلة العالمية) و التي تشكلت نتيجة للظروف المعيشية الصعبة التي كان يعاني منها العمال، فتشكلت ساعية لصياغة استراتيجية نضالية تخلص هؤلاء العمال من الظلم في كل مكان، لم يكن تأسيس هذه المنظمة عملاً دعائياً يهدف إلى استعراضات فكرية طوباوية لا أمل في تحقيقها و لا مكان لها على أرض الواقع، و لكن إلى تحشيد كل القوى المناضلة الرافضة لاستغلال الطبقة العاملة لتشكل مركزاً عالمياً للمواجهة يزيد من ثقل الحركة العمالية العالمية من جهة و يرشد الحركات العمالية في آليات عملها في أماكنها من جهة أخرى، وبذلك كان شعار “يا عمال العالم اتحدوا” هو الشعار الملهم لهذه المجموعات.

اليوم وللمرة الخامسة يعقد المنتدى الاقتصادي العالمي في الأردن على أرضية النقيض تماماً، و تحت شعار يبعث في مضمونه “يا برجوازية العالم اتحدوا”، وتدرج على رأس الأجندة الأزمة المالية الناتجة بشكل أساسي عن سياسات الإقراض و التبادلات و المضاربات المالية الوهمية غير المرتبطة بالعمليات الانتاجية.

 

الأجندة و الأهداف المنشودة

• الخروج من الأزمة المالية بهدف إعادة القدرة مجدداً على توسيع هامش الربح. فبعد أن تباطأت حركة المال أحجمت الكثير من الشركات عن التجديد في اشتثماراتها و المرتبط أساساً بعملية الشراء، الأمر الذي أدى إلى تراجع التدفق النقدي لعدد كبير من الشركات، فبدأت بالعمل على تخفيض التكلفة، دون اللجوء إلى أرصدتها الهائلة التي راكمتها طوال الفترة السابقة، من خلال سياسات إعادة الهيكلة الداخلية المتمثلة بالدرجة الأولى بتسريح العمال. الشخصيات المجتمعة في دافوس تبحث عن وسيلة لإحياء المستغلين الموتى من جديد كي تنتعش دورة المال مرة أخرى.


• الابتكارات و البحث العلمي : في مناقشة هذا البند سيلعب الوكلاء ممثلو الدول النامية دور المتلقي، في الوقت الذي يطرح فيه ممثلو الشركات الأم آخر التطورات على ما تم انتاجه و طرق تسويقه و تبرير الحاجة إليه بشكل يغرق الفئة المستهدفة في حالة الاستهلاك الدائم. مفهوم البحث العلمي قد تم تشويهه بالمطلق في الدول النامية، فبدلاً من أن يتم الاستناد إليه لغايات تطوير الانتاج صناعياً و زراعياً و تكنولوجياً، أصبح يمثل دراسة تطبيقية لما يتم إنتاجه ولاحقاً الاستناد عليه لابتكار متطلبات استهلاكية جديدة دارة للأرباح.

• الخريطة الجيوسياسية المتغيرة: لا يمكننا القول بأن هناك خارطة جيوسياسية ثابتة ممكن أن تخرج عن منتدى إقتصادي كدافوس، وذلك لأن تجديد و استنهاض الطلب في الأسواق يحتاج إلى تغيير معالم هذه الخريطة من وقت إلى آخر، فماجرى في العراق من حرب كارثية ولدت فرصاً عديدة لشركات “إعادة الإعمار” كي تفتح سوقاً جديدة في مختلف المجالات، الأمن و الحماية والصحة و الاتصالات و التأمين و المقاولات، منفذة بذلك استراتيجيات إقتصاد الكوارث. إذن ما يبحث عنه رأس المال في دافوس هو توطيد التحالف مع الأنظمة السياسية المستفيدة المستمرة في استصدار القوانين المسهلة للاستثمار ،دون مردود نفعي حقيقي للفئات الشعبية، و بناء الخارطة الجيوسياسية المنسجمة و حاجات رأس المال.

ضد دافوس…..لماذا؟

  • • لمصلحة من؟ يصب هذا المنتدى في مصلحة رجال الأعمال المشاركين من خلال الصفقات التي يتم عقدها واستراتيجيات فتح الأسواق الجديدة، أما الفئات الشعبية المهمشة فلا تمثل سوى الطرف المستهدف في عملية الاستهلاك.

  •  استثمارات جديدة!! يعتبر قانون الاستثمار الأردني من أكثر القوانين تساهلاً في العالم في التعامل مع المستثمر إلى حد يسمح إلى إعفائه من ضرائب الأرض و البناء و إدخال العمالة الرخيصة الأجر. الاستثمار في العالم بأكمله موجود و لكن في الدول التي تبحث عن جني مردود حقيقي منه، فنزويلا على سبيل المثال، لا يكون على قاعدة هكذا قانون.

  • • وهم التنافس!! في الوقت الذي يفرح فيه الناس البسطاء من تخفيض أسعار السلع و الخدمات بموجب التنافس، يأتي دافوس ليثبت أن رأس المال متحالف!! حتى الشركات المتنافسة في القطاع الواحد لها اتفاقياتها الداخلية كي لا تنزلق إحداها تحت خط الربح المطلوب.

  • • الخريطة الجيوسياسية: الخارطة المتغيرة بموجب مستحقات العرض و الطلب تعرض الجموع الشعبية لأخطار متعددة تمس البعد الأمني الذي تتغنى به الأنظمة على حساب الإقتصادي.
    بقي أن نقول أننا بحاجة إلى العودة إلى 1864 و بحاجة أكثر إلى أممية جديدة تعيد ترتيب المهام النضالية بهدف إعادة صياغة الاقتصادات الوطنية على قاعدة عولمة أممية و تكافلية بديلاً عن العولمة الرأسمالية.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية