أربع قرائن على خطأ توقيت دولة النسور

الإثنين 07 تشرين الأول 2013

بقلم جواد جلال عباسي

قد يكون هذا الشتاء هو الثاني الذي ندخله وتوقيت عمان ثلاث ساعات شرق غرينتش GMT +3 بدلا من التوقيت الاصلي GMT +2  والذي استقر الاردن عليه لأكثر من 90 سنة. بعد سنة من القرار، أقدم عدة نقاط تبين برأيي خطأ أن يكون الاردن على توقيت GMT+3  شتاء وهو ما اصطلح على تسميته في الصحافة ب “توقيت النسور”.

 جغرافيا: 

تقع  العاصمة عمان على خط طول 35° و 52′ دقيقة شرقا. وكل 15 خط طول هو ساعة. فتكون عمان جغرافيا على توقيت ساعتين و22 دقيقة شرق غرينتش. وتقع معظم مدن المملكة الى الغرب من عمان فبالتالي العاصمة ومعظم مدن المملكة هي على توقيت ساعتين و22 دقيقة شرق غريتتش او اقل. وعند التقريب يكون للساعة الأقرب وهي ساعتين شرق غريتنش لا ثلاث ساعات. وهكذا نكون أيضا على نفس توقيت دمشق وبيروت والقدس وهو الأمر الطبيعي.

 إداريا: 

بعد تغيير التوقيت الى GMT+3  شتاء، أتت الحكومة بقرارات تغيير أوقات دوام الحكومة والمدارس. فانتقلنا من وضع يكون فيه توقيت صيفي وتوقيت شتوي إلى توحيد الوقت لكل السنة لكن مع أوقات دوام صيفية وأوقات دوام شتوية. الحاجة إلى تغيير اوقات الدوام لوحدها تؤكد خطأ التوقيت الحالي.

 المقارنات مع دول شمال اميركا واوروبا: 

القلة المدافعة عن القرار تتحجج بان دول شمال أوروبا وأميركا ايضا يتاخر شروق الشمس فيها إلى ما بعد السابعة صباحا في الشتاء. وهذا صحيح. فمثلا في 15 كانون الثاني يكون وقت الشروق في بوسطن الساعة 7:11 صباحا ويكون غروب الشمس في الرابعة و37 دقيقة مساء. وفي لندن  يكون شروق الشمس في ذاك اليوم الساعة الثامنة صباحا والغروب في الرابعة و21 دقيقة. اما في عمان فيكون الشروق بحسب التوقيت الحالي (الخاطئ) يوم 15 \ 1 الساعة 7:37 صباحا والغروب 5:54 مساء.

ما يتجاهله المتحججون بشمال أوروبا وأميركا أن فترة النهار هناك أقل بساعة إلى ساعتين من الأردن في الشتاء. ففي لندن شتاء يذهب الموطفون والطلاب في العتمة صباحا لأن النهار أصلا يصبح حوالي ثماني ساعات فقط بدلا من حوالي 10 ساعات في الأردن. ويعود الموظفون في العتمة ايضا.

في الاردن شتاء على توقيت GMT+2 نحن محظوظون بموقع يستطيع فيه كل الطلاب ومعظم الموظفين الذهاب إلى مدارسهم وأعمالهم في النور والعودة في النور. فما الداعي الى تغيير الوقت لنصبح مثل شمال اوروبا والتي تقل فيها مدة النهار عن مدة النهار عنا بحوالي الساعتين؟

الوفر الاقتصادي

ادعاء أن توقيت GMT+3  يوفر من استهلاك الكهرباء والطاقة غير مدعوم بأي توثيق حقيقي او دراسة. وقد كانت الحكومة على لسان معالي وزير الطاقة السابق قامت بدراسة يتيمة قالت فيها:

“إن شركة الكهرباء حققت وفرا في فصل الشتاء نتيجة اعتماد التوقيت الصيفي قيمته خمسة ملايين دينار . وإن معدل استهلاك الطاقة الكهربائية خلال فصل الشتاء (في سنة 2012)  قد انخفض بمقدار 350 ميجاوات ساعة يومياً خلال اوقات الذروة المسائية، نتيجة الاستمرار في تطبيق التوقيت الصيفي. في حين ارتفع المعدل اليومي للاستهلاك بمقدار حوالى 100 ميجاوات ساعة يومياً خلال الفترة الصباحية. “

 ما غاب عن هذا الدراسة اليتيمة أن الحكومة كانت قد رفعت أسعار الكهرباء في صيف 2012 . وبالتالي فان مقارنة استهلاك شتاء 2012 مع شتاء 2011 بدون النظر إلى تاثير رفع الاسعار على استهلاك المشتركين أمر مغلوط ويجعل الدراسة بلا أي اساس علمي منطقي. للمقارنة الحق يجب عزل تاثير رفع الاسعار على الطلب. وطبعا يجب كذلك ان تنظر الدراسة إلى التاثير على انماط التدفئة واستهلاك الوقود للتدفئة ومقارنتها بين شتاء على توقيت GMT+2 أو توقيت GMT+3.

لم استطع التفكير بايجابية واحد للقرار إلا للذين لا يستيقظون إلا بعد الثامنة وبالتالي القرار يؤدي إلى إطالة نهارهم في الشتاء من دون أي تبعات سلبية. لكن هل يستفيق أي من طلاب المدارس أو العمال والموظفين في الثامنة؟ واذا امتثلنا لهذا المنطق فلما اذن لا نفيد من يستيقظون بعد التاسعة كل يوم ونجعل التوقيت أربع ساعات شرق غرينتش؟!

علمياً التوقيت الصيفي في الصيف يوفر الطاقة. لكن له أيضا تبعات سلبية نفسية بسبب تقديم الساعة وتأخيرها مرتين بالسنة. الخيار العلمي المنطقي امام الاردن أن نكون على GMT+2  طوال العام او ان نكون على GMT+2  شتاء وGMT+3  صيفا. اما خيار دولة الرئيس بان نكون على GMT +3 طوال العام فهو غير منطقي وغير علمي ولا يفيد احدا.

إن لم يكن في نية الحكومة التراجع عن هذا القرار الخاطئ -والعودة عن الخطأ فضيلة- فعلى الأقل فلتحصن قرارها باستفتاء الشعب أو حتى الحصول على موافقة البرلمان. 

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية