المخطط العام لمدينة عمان هل هو تحسين أم محو هوية؟

الأحد 08 آذار 2009

عمان المستقبلية

عمان المستقبلية

 

  حمزة زعبلاوي

 أسئلة كثيرة يطرحها كل منا على نفسه. هل الأبراج العالية في عمان هي الحل الأمثل و الأحسن لتحسين منظر المدينة؟ ذلك لو فرضنا جدلاً أنها بحاجة إلى عناصر إضافية لتحسين مظهرها. و هل إزالة مناطق من عمان القديمة -و إن كان وضعها رديء بعض الشيء- منطقي لبناء هذه الأبراج؟

 عمان، هذه المدينة التي استطاعت في أقل من مئة عام أن ترسم لوحة تسلقت من الوادي إلى أعالي الجبال، تعاني اليوم من أسوأ اساليب المعاملة. كيف لا و قد كان الحل لدى المستثمرين بشراء عدة مناطق من عمان، مناطق تعتبر جزءاً من حضارتها و تاريخها و ثقافتها و هويتها.

 

العبدلي، أو العبدلي القديم إن جاز التعبير، تم هدمه بالكامل لبناء جزء مليئ بأبراج لا يمكن اعتبارها إلا شذوذاً عن كل ما هو حولها من مبان و تاريخ و ذكريات. حتى و إن كان وضع هذه المباني سيئاً نوعاً ما، كان بالإمكان أن ترمم و يعاد استصلاحها لتكون حاضرة بين قريناتها من المناطق

المشكلة لا تكمن في الأبراج بحد ذاتها. فالأبراج كغيرها من المباني الحديثة، هي دليل على تطور المنطقة و مواكبتها للعصر.كما هو حال المباني الموجودة في عمان القديمة، و التي تعبر عن حقبة أو فترة من الزمن كانت فيها عمان مواكبة لها. المشكلة تكمن في مواقع هذه الأبراج. من أهم الأسباب التي جعلتني كالكثير من الناس ضد هذه المواقع، هو أن المساحة المبنية من مدينة عمان بالكاد تتجاوز الثلاثين بالمئة من مساحتها الكلية. أحد أسباب إنشاء الأبراج هو عدم توفر المساحة الأفقية للبناء. و إن لم يكن هذا هو سبب إنشاء الأبراج في عمان، و بما أن المساحة المبنية فيها لا تتجاوز الثل،, فمن المؤكد أن هناك الكثير من المناطق الأخري المناسبة لبنائها.

    سبب آخر صورة من صور عمان القديمةهي اللوحة التي ترسمها عمان على جبالها. فإن وقف أحدنا على أحد الجبال و نظر إلى الجبال الأخرى، فسيرى كيف ترسم المباني خط يلامس للسماء بشكل عفوي، يحتار المرء لسحره و جماله. هذه اللوحة سوف تتشوه كلياً عند بناء هذه الأبراج. سيكون التشويه، كأن يأتي أحد منا بلوحة من لوحات بيكاسو مثلا و يضيف عليها عناصراً من الفنون الحديثة التي لا يمكن إلا وصفها بالجمال و لكن بمعزل عن الفن الكلاسيكي القديم. في هذه الحال، ستصبح هذه العناصر، هي عناصر تشويه و محو للهوية القديمة، التي كان لها زمنها و ستبقى دائماً ذكراها.

 و في النهاية سؤالان أطرحهما دائماً و لا أجد لأي منهما إجابة شافية: هل ستكون هذه المشاريع هي الشبكة التي تخرج سكان المناطق الأصليين من أوضاعهم إلى أوضاع أحسن؟ أم أنها ستكون اشبه بالشبكة التي تنتشل السمك من الماء و إن كان الماء عكراً؟؟
أما السؤال الثاني فهو: فهل سيكون حال المناطق الثانية كحال الثور الأسود الذي سيضحى به حينما تسنح الفرصة المناسبة؟؟

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية