المعلمون والإعلام والقمامة

الإثنين 13 شباط 2012

بقلم محمود أبو صيام

نشرت جريدة الرأي في عددها الصادر بالأمس صوراً لمجموعة من الأطفال ينبشون في القمامة ووذيلتها بعنوان يقول: ” أطفال يلجأون للقمامة عوضا عن المدارس في ظل إضراب المعلمين”.

إلى هذا الحد وأبعد ذهب الإعلام الرسمي في التعاطي مع أزمة المعلمين، إلى حد تصوير أطفال الوطن على أنهم روّاد للمكبّات وزبائن للقمامة!

قضية المعلمين سلطت بتداعياتها الضوء على الدور المشبوه الذي بات إعلام الدولة يؤديه، والذي تجاوز واجبه التقليدي في تخدير المواطن إلى التحريض عليه تمهيدا لاغتياله إعلاميا ومعنويا.

لم يعد غريباً ألا تجيء وسائل الإعلام على ذكر الفساد إلا بحياءٍ أشد من حياء العذراء في خِدرها ، الغريب والمفاجئ هو أن تسخّر الدولة ماكنتها الإعلامية بكامل طاقتها في سبيل سحق وتهميش مطالب طبقة مهمشة ومطحونة أصلا كالمعلمين! “اغتيال الشخصية” مجرم إعلاميا فماذا عن اغتيال شريحة مجتمعية بكاملها.

وإذا تبادر إلى الأذهان أن سلوك “الرأي” سلوك معزول و ليس نهجا فسماحة خطيب مسجد الملك عبدالله والذي بث التلفزيون الأردني خطبته موجود لتذكيرنا بخلاف ذلك ، فضيلته قال ومن على منبر الجمعة أنه يجب على الحكومة أن تجابه المعلمين “بالعين الحمرا” وألا ترفع عصاها عنهم وأنهم يوقظون فتنة لعن الله من أيقظها.

بعد متابعتي للتسعير الإعلامي الساخن ومن على كل منبر ضد المعلمين في اليومين السابقين أصبحت أتمنى لو نرجع للأيام الجميلة التي كان يستجاب لمطالبهم بصفحة على الفيس بوك ، يبدو هذا الخطاب – على استخفافه بمحنة المعلمين – مقبولا إزاء ما نشهده اليوم من هجمة إعلامية غير مسبوقة.

لا أخشى على أطفالي أن يرتادوا مكبات النفاية بقدر ما إخشى عليهم من القمامة التي تحشوها وسائل الإعلام في رؤوسهم الصغيرة مع كل إطلالة ومقالة.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية