شروط المنتصر.. برقش مثالا

الأربعاء 04 حزيران 2014

 (نشر هذا المقال على مدوّنة هلمّ جرّاً بتاريخ ٣ حزيران ٢٠١٤)

في كل معركة هنالك منتصر ومهزوم، وكنتيجة لاي معركة يفرض المنتصر شروطه ويقبلها المنهزم بدون قيد اوشرط فتلك طبيعة المعارك وحتمية نتائج الانتصار والهزيمة.

في عام 2011 وعلى وقع الأحداث الإقليمية في المنطقة العربية بدأ الشعب الأردني حراكه من أجل إصلاح  التشوهات التي أصابت الحياة السياسية في المملكة منذ انقلاب القصر على الحكومة البرلمانية في العام 1957.

مررنا في البداية بلحظات متميزة اعتقدنا فيها أن المجتمع في طور تشكيل إرادة شعبية جماعية للتغيير، وأنه أصبح لدينا فهم لأسباب الخلل المتمثل في استبعاد المشاركة الشعبية وحالة الانفراد بالحكم. فكانت المطالبة بإصلاح دستوري حقيقي يعيد التوازن بين سلطات الدولة، وإصلاح التشريعات لتُمكّن الشعب من أن يكون مصدر السلطات وعلى رأسها قانون الانتخاب باعتباره الوسيلة لخلق الهيئة الحاكمة المتمثلة في مجلس النواب. وارتفعت المطالب بكف يد الأجهزة الأمنية عن الحياة السياسية، ومحاربة الفساد بكافة أشكاله، واسترداد القضاء صلاحياته الدستورية باعتباره الجهة التي تضمن تطبيق القانون وسيادته على الكافة.

لم يدر بذهن المطالبين بالإصلاح حينها أنهم في معركة ضد النظام، فهي ليست كذلك، بل هي معركة لإصلاح النظام. ولكن للأسف لم تكن الصورة كذلك عند الطرف الآخر المستأثر بالسلطة والثروة،  فقام بالإعداد والتعبئة واستخدم كل الأدوات الممكنة في سبيل الانتصار على من اعتقد أنهم خصومه في تلك المعركة، وساعده في ذلك نتائج ما سمي بالربيع العربي حيث:  في سوريا تدمير ممنهج للإنسان والأرض والدولة، وفي مصر النظام السابق انتصرعلى الثورة، وليبيا تحولت الى إقطاعيات للمليشيات العسكرية المتنازعة.

النتيجة اليوم أن النظام الحاكم بأدواته السياسية والأمنية قد انتصر في معركة الإصلاح. وعلينا أن نقر بالهزيمة ونقبل بشروط المنتصر، وهذا الإقرار يتطلب:

التوقف عن المطالبة بمكافحة الفساد ومعاقبة مرتكبيه والتطاول على رموز الفريق المنتصر مثل المطالبة بتسليم وليد الكردي أو محاسبة القائمين على سكن كريم أو موارد أو ملف التحول الاقتصادي.

التوقف عن التدخل في طريقة إدارة المنتصر لغنائمه من المعركة، وهذا يشمل الثروة الحرجية في المملكة، لذا فلنتوقف عن البُكاء على قطع الاشجار سواء في  برقش أو غيرها.  أما أموال الضمان الاجتماعي فهي تُعتبر أهم وأثمن تلك الغنائم، وبالتالي فإن الظروف المشبوهة لعملية بيع محفظة الضمان في بنك الاسكان لا تعنينا في شي. وإعفاء نجيب ميقاتي من خسائر أسهمه في الملكية الأردنية واستبدالها بأسهم الضمان الاجتماعي في إحدى البنوك الرابحة هي حق لصاحب الغُنم.

نحن شعبٌ لا تناسبنا معارك بناء الدولة المدنية الديمقراطية، نحن نحب معارك الملوخية والمنسف أكثر

أما خارج موضوع الغنائم فإن قوانين محكمة أمن الدولة ومنع الإرهاب والمطبوعات والنشر والصوت المجزوء في الانتخاب فهي جميعها شروط تليق بالمنهزمين أمثالنا.

نحن شعبٌ لا تناسبنا معارك بناء الدولة المدنية الديمقراطية، نحن نحب معارك الملوخية والمنسف أكثر، تلك المعارك التي ستجعل الشعب الاردني بلا استثناء وليس فقط أبناء الأردنيات يقبل بالمزايا لا بالحقوق.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية