الأردن والمغرب ومجلس التعاون الخليجي الموسّع

الإثنين 21 نيسان 2014

بقلم كيرتيس راين، ترجمة دعاء علي

(نشر هذا المقال في 15 نيسان 2014 على موقع مشروع الشرق الأوسط للبحوث والمعلومات MERIP)

يشير تقرير حديث إلى أن مجلس التعاون الخليجي قد يكون بصدد التوسع.. مجددًا. يقول التقرير إن مجموعة الممالك والإمارات النفطية الستة وجهّت خلال قمّة عقدت في آذار الفائت دعوات للأردن والمغرب للانضمام إلى حلف عسكري للملكيّات العربية. وهناك -بالحد الأدنى- احتمالية في أن يضم المجلس أيضًا دولة جمهورية –اسميًا- هي مصر إلى تحالف عسكري دفاعي إقليمي أوسع (رغم أنه ليس من الواضح بعد ما إذا كانت الأردن ومصر والمغرب ستنضم إلى مجلس التعاون الخليجي نفسه أم أن الحلف العسكري سيكون كيانًا منفصلًا).

يأتي هذا التقرير في وقت يحاول فيه المجلس الانتقال من كونه تجمّعًا اقتصاديًا وسياسيًا مرنًا ليشكّل قوّته العسكرية المشتركة. قد تشعر دول المجلس الملكية بأنها قد تخطت الموجة الأولى من الانتفاضات العربية، لكن شعور الأنظمة بانعدام أمنها لا يزال قائمًا. مشاكل كثيرة تُظهِر هذا الشعور، من بينها التهديدات الأمنية الداخلية والخارجية، أو على الأقل تصور هذه الدول لها. ترى العديد من دول مجلس التعاون الخليجي في قوة إيران المتصاعدة تهديدًا مباشرًا، وترى أيضًا النفوذ الإيراني ممتدًا في ما يشبه المحور، من إيران إلى العراق وسوريا ولبنان. التحديات الداخلية تقلق ملكيّات المجلس أيضًا، ومن بينها ما تزعم هذه الدول أن جماعة الإخوان المسلمين تشكله. لكن يبدو أن الجذور العميقة لهذه المخاوف الواسعة -التي عادة ما تُقدّم على أنها تهديدات على مستوى الخليج- تنبع من بلد واحد: السعودية.

 يبدو أن الجذور العميقة لهذه المخاوف الواسعة -التي عادة ما تُقدّم على أنها تهديدات على مستوى الخليج- تنبع من بلد واحد: السعودية.

إذن، هل سيوسّع مجلس التعاون الخليجي عضويته ويعمّق تعاونه العسكري ليواجه هذه التهديدات، الحقيقية منها والمتصورة؟ حتى دون التوسّع لتسع أو ثمان دول، فالدول الستة الأساس تعاني من مشاكل جمة في الحفاظ على علاقات ودية بين بعضها، فضلًا عن العمل سوية في قوة عسكرية مشتركة. لطالما حاولت قطر وعمان الحفاظ على استقلال واضح في سياساتها الخارجية عن سياسات مجلس التعاون الخليجي، وتحديدًا عن السعودية، من خلال علاقات أكثر وديةً مع إيران حتى حين بدت السعودية عازمة على تشكيل تحالف مناهض لإيران (أو بلغة طائفية، مناهض للشيعة).

في آذار، سحبت ثلاث دول في مجلس التعاون الخليجي –هي السعودية والبحرين والإمارات- سفراءها من الدوحة، متهمةً قطر بتهديد أمن الخليج عبر وسائل إعلامها (أي الجزيرة) وعبر دعمها حركات إسلامية (أي الإخوان المسلمين). إلا أن قطر أصرت على أن سياساتها تخضع لسيادتها ولن تحددها الحكمة الجماعية لمجلس التعاون الخليجي. الدول الثلاث نفسها حذت حذو مصر وحظرت جماعة الإخوان المسلمين. إلا أن الكويت لم تتبع هذا الخط حتى الآن، كما لم يفعل الأردن الطامح لعضوية المجلس، والذي تنشط فيه حركة إسلامية محلية واسعة، يرتبط الجزء الأكبر منها بالإخوان المسلمين. (إلى جانب هؤلاء، في الأردن حركة صاعدة من الإسلاميين الوسطيين، والسلفيين، والإسلاميين المستقلين).

رغم ذلك، يظل مجلس التعاون الخليجي في طريقه لإنشاء قوة عسكرية مشتركة، ولتبني سياسات دفاعية جماعية، وللبدء في تلقي الدعم العكسري والمادي الأمريكي بصفة مجموعة. هذه الخطوة ستكون جديدة بالنسبة للولايات المتحدة أيضًا: توفير المساعدة العسكرية وبيع السلاح ليس لدول منفردة فحسب، بل للمجلس ككتلة واحدة أيضًا. فهل ستتمكن هذه الكتلة من التماسك، فضلًا عن التوسع؟

سبق لمجلس التعاون الخليجي إرسال دعوات مشابهة. ففي بداية الاضطراب الذي عمّ المنطقة عام 2011، دعا المجلس الأردن والمغرب للانضمام له، بل قدّم معونات اقتصادية إضافية لمساعدة الملكيات السنيّة الشقيقة على عبور تحديات الحقبة الجديدة. دول كقطر لم تبدِ تحمسًا للفكرة، على أقل تقدير، وبدا فعلًا وكأن الدعوة الأولية -كما هي الحال مع العديد من دعوات المجلس- جاءت في الواقع من السعودية. لكن ما إن بدت الممالك العربية أكثر استقرارًا وبدا أنها عبرت موجة التغيير الأولى بسلام حتى فترَت حماسة المجلس بوضوح بشأن العرض الذي قدمه. في الوقت ذاته، بدا اكتراث النظام المغربي بهذا العرض طفيفًا، بينما لاحقه النظام الهاشمي في الأردن بحماس شديد.

في المنطقة العربية وخارجها، يرى ناقدون في مجلس التعاون مجرد نادٍ لشيوخ النفط، ولن تبدو لهم النسخة الموسعة من المجلس أكثر بكثير من جمعية للدعم المشترك بين ملكيات عربية سنية. إلا أن للأردن، على عكس المغرب، حدودًا مع السعودية، كما أنه معتمد بعمق على المعونات الخارجية لإبقاء اقتصاده حيًا. عضوية مجلس التعاون الخليجي قد تقدم للأردن دعمًا كثيفًا وأكثر: تجارة واستثمارًا ونفطًا، ربما بأسعار تفضيلية كتلك التي تمتعت بها المملكة من جارتها العراق خلال سنوات العقوبات التي فرضت عليها. وما الذي قد يقدّمه الأردن في المقابل؟ ميزة المملكة النسبية هي الدعم الأمني. ليس للأردن قوة عسكرية ساحقة بالتأكيد، لكنه على صلات عسكرية وشُرَطية ومخابراتية وثيقة بدول مجلس التعاون وغيرها في المنطقة. عضوية المجلس، كما يرى الأردنيون، ببساطة ستجعل العلاقة القائمة حاليًا علاقة رسمية. بالتالي فإن العلاقة هنا لربما لا تكون أحادية الجانب كما قد يتهيأ للبعض.

إن انضم الأردن والمغرب بالفعل لمجلس تعاون خليجي موسع، هل سيستتبع ذلك ضغطًا على العضوين الجديدين لحظر الإخوان المسلمين؟

إلا أن عدة أسئلة تظل قائمة. إن انضم الأردن والمغرب بالفعل لمجلس تعاون خليجي موسع، حتى دون شمول مصر، هل سيستتبع ذلك ضغطًا على العضوين الجديدين لحظر الإخوان المسلمين؟ حتى الآن، لم يفعل أي منهما ذلك. وبينما تحاجج المعارضة في البلدين بأن مبادرات النظامين للإصلاح كانت سطحية، تبقى الحركات الإسلامية فيهما قانونية ونشيطة. في الأردن تحديدًا، عمر جماعة الإخوان من عمر الدولة نفسها. وبينما يصطف الإخوان في معارضة النظام، فهم يظلون جزءًا من المعارضة القانونية أي جزءًا من الفضاء السياسي العام في الأردن.

يبدو أن مجلس التعاون الخليجي يستنسخ مبادرة سابقة من عام 1991، بُشّر بها حينذاك باسم حلف “إعلان دمشق”. عقب حرب الخليج الثانية بين عامي 1990 و1991، تشكلت معادلة “6+2” خلال قمّة في العاصمة السورية، جمعت دول مجلس التعاون الستة مع مصر وسورية. إلا أن هذا الإعلان، رغم الجلبة الإعلامية التي أثارها، لم يغادر الورق الذي خُطّ عليه. من الواضح أن ما يسعى إليه المجلس اليوم أكثر من ذلك، لكن ليس واضحًا ما إذا كان المجلس قادرًا أو مستعدًا لاتخاذ التحولات اللازمة لتشكيل حلف عسكري حقيقي، أو ما إذا كان هذا الحلف سيمتد خارج الأعضاء الستة الأصليين، وخارج الخليج نفسه.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية