أنظمة الطاقة الشمسية في الأردن: خفّض فاتورتك وصدّر الكهرباء للشركة

الأحد 12 أيار 2013

في بيئة تتسم بالركود وندرة التطورات -الإيجابية منها على الأقل- وسطوة «الوضع الراهن» كما هو الحال هنا في الأردن، تحدث أحيانا طفرات تدعو للتفاؤل وتستدعي التفاعل الإيجابي. من ذلك، التشريعات الخاصة بأنظمة الطاقة المتجددة والتي تتيح استيراد وتركيب أنظمة طاقة متجددة – شمسية كانت أو طاقة رياح ..إلخ- وربطها مع شبكة الكهرباء باستخدام عدادات «صافي القياس».. وهو ما قمت به منذ بداية العام، وهذه هي القصة:

في البدء علي أن أعترف أن الدافع الرئيس من وراء استثماري بنظام لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية في منزلي كان مادّياً بحتاً! فمن ناحية، أنا لست ذو حس بيئي عالي وإن كنت على قدر من الوعي – بالإنكار والتأجيل- بضبابية مستقبل الكرة الأرضية. قد أقود سيارة هجينة، وأدوّر الورق المستعمل في المكتب وأقوم بفرز نفايات المنزل ونقلها للجهات المعنية بالتدوير، وأشعر مقابل ذلك بقدر لا بأس به من إرضاء الضمير البيئي، ويتوقف الأمر عند ذلك.

وأنا لست مهووساً أيضاً بكارثية وضع الطاقة في الأردن، وإن كنت أعتقد أنني جزء من المشكلة كوني مستهلك للكهرباء التي تدعمها الحكومة وتتكبد في ذلك خسائر كبيرة ترهق ميزانيتها. لكني لست قادراً على أن اتابع وأكوّن موقفاً من استراتيجية الدولة في موضوع الطاقة سواء كانت بتوجهها نحو الطاقة النووية أو إهدارها لفرصة ذهبية بعدم الاستثمار بالطاقة الشمسية كما فعلت مورتانيا والإمارات مثلا.

فالدافع إذاً كان حساب ربح وخسارة محض.. فاتورة الكهرباء أصبحت تشكل 20% من مصروفي الشهري وهو ما سيزيد بشكل قطعي بنسبة كبيرة حسب اتفاقيات البنك الدولي التي وقعتها الحكومة والتي تلزمها برفع الدعم بشكل تدريجي وكامل.

لمذا النظام الشمسي؟

القصة تبدأ بإقرار قانون الطاقة المتجددة وترشيد الطاقة رقم 13 لعام 2012 وإصدار «الدليل الإرشادي» من قبل هيئة تنظيم قطاع الكهرباء نهاية العام الماضي، حيث أصبح بالإمكان لأي مشترك تركيب نظام توليد كهرباء باستخدام مصادر طاقة متجددة وربطه مع شبكة الكهرباء بحيث ينتج جزءاً من -أو كل- احتياجه من الكهرباء وتصدير فائض الإنتاج للشبكة بحيث يحتسب له من خلال عددات كهربائية قادرة على احتساب «صافي القياس».

يجدر التنويه أن أنظمة الطاقة المتجددة هنا متعلقة فقط بتلك المرتبطة بشبكة الكهرباء «On-grid» وليس المنفصلة عنها والتي تنتج الكهرباء وتخزنها في بطاريات وتعمل بشكل مستقل عن الشبكة. فتقنية الأنظمة المتجددة المربوطة بالشبكة ناضجة جدا ومستخدمة بشكل واسع ومنذ فترة طويلة حول العالم، وأسعار التجهيزات الخاصة -لأنظمة الشمسية منها- مقاربة لأسعار تجهيزات كهربائية أخرى كأجهزة التكييف وما شابه.

لماذا النظام الشمسي – وبالتحديد الأنظمة الكهروضوئية «Photo-voltaic»-؟ أعترف أنني لم أقم بدراسة البدائل بشكل كبير لكن توفر عدد لا بأس به من الشركات المحلية التي تعمل في هذا المجال كان السبب الرئيسي، حيث أنهم -وغيرهم من المتخصصين في هذا المجال- يجمعون على أن الأردن جغرافيا يقع ضمن منطقة «الحزام الشمسي» «Solar Belt» حيث تتوفر أفضل ظروف لاستخدام الطاقة الشمسية لإنتاج الكهرباء من حيث نسبة سطوع الشمس وساعات النهار ودرجات الحرارة «المعتدلة». ومن ناحية أخرى فإن هذه الأنظمة لا تحتاج لأي نوع من الصيانة سوى نفض الغبار والأتربة من حين لآخر.

كيف يعمل النظام الشمسي؟

Photo used with consent from www.eta-max.com

رصيد الصورة لموقع www.eta-max.com

النظام يتكون من جزئين أساسيين؛ ألواح خلايا شمسية كهروضوئية تعتمد على سطوع ضوء أشعة الشمس مباشرة وتتأثر بالأحوال الجوية -كالغيوم والغبار- وكذلك بدرجات الحرارة والفصول. وترتبط هذه الخلايا بنظام «عاكس كهربائي» «Inverter» مهمته تحويل التيار الكهربائي المستمر «DC» إلى تيار كهربائي متردد «AC» كالذي يزود به المشترك من الشبكة. وهذا الأخير هو نقطة الربط مع العداد.

وحسب حجم الاستهلاك الكهربائي عند المشترك والمعتمد على الأحمال الموجودة عنده؛ يتم تصميم النظام بحيث يغطي احتياجاته الاعتيادية من التيار الكهربائي خلال ساعات النهار، ويستمر باستخدام التيار القادم من العداد في حال عدم كفاية الإنتاج -في يوم غائم مثلا- وخلال ساعات المساء. ويوجد حدود قصوى محددة بـ «الدليل الارشادي» -المشار إليه سابقا- تنظم حجم وقدرة النظام المركب من قبل المشترك. من ناحية أخرى، يمكن للنظام تغذية شبكة الكهرباء بفائض الانتاج من الكهرباء إن كان الحمل عند المشترك أقل من قدرة الانتاج (خلال عدم وجود أحد في المنزل مثلا).

 عداد «صافي القياس»؟

 يتم تركيب عداد رقمي قادر على احتساب «صافي الاستخدام» بحيث يتم قياس التيار القادم من شبكة الكهرباء والتيار المتولد من فائض انتاج النظام الشمسي والمصدر للشبكة، ويحتسب صافي الاستخدام بعدها، فمثلاً؛ إذا كان المشترك يستهلك 1100 كيلو واط ساعة شهرياً -وهي وحدة القياس المعتمدة في تعرفة شركة الكهرباء، وقام بتركيب نظام ينتج له 600 كيلو واط ساعة شهريا، وكان 50% من استهلاك المشترك يتم خلال النهار، فيمكن توضيح صافي القياس على النحو الآتي (جدول)

الاستهلاك الشهري: 1100

خلال النهار: 50% في 1100 = 550

إنتاج النظام (خلال النهار) 600

يطرح الاستهلاك خلال النهار من الانتاج 600 – 500 = 50 فائض

الاستهلاك المسحوب من العداد (خلال المساء والأيام الغائمة) 1000 – 500 = 500

يطرح منه فائض الاستخدام 500 – 50 = 450 قيمة الفاتورة الجديدة.

في هذا المثال.. مع محافظة المشترك على نفس معدل الاستهلاك الشهري، حمّل جزء منه على النظام الشمسي والباقي استهلكه من العداد، فخفض الشريحة الاستهلاكية وبالتالي التعرفة التي يخضع لها، وطرح من الاستهلاك فائض انتاجه من الكهرباء.

Solar2

من الآخر.. كم كلف وكم مدة «العائد على الاستثمار»؟

كلفة الأنظمة الشمسية الكهروفولتية تعتمد بشكل أساسي على قدرتها والتي تحسب بوحدة الكيلو واط. وتتراوح ما بين 1750 إلى 2000 دينار أردني لكل كيلو واط. فنظام مصمم لشقة أو منزل صغير باشتراك عداد ذو الطور الواحد «single phase» ومعدل استهلاك شهري كالمثال السابق سيحتاج نظام يقدرة 2 كيلو واط وبكلفة تقريبية 4000 دينار.

أما بالنسبة لمدة «العائد على الاستثمار» فهي تعتمد على عدة عوامل منها حجم النظام المستخدم مقارنة بمعدل الاستهلاك الشهري للمشترك ونمط الاستهلاك الفعلي. ففي المثال السابق، بإمكان المستخدم أن يحقق وفراُ شهريًا من فرق التعرفة وحساب «صافي الاستخدام» قد يتجاوز الـ 30% من مجموع فواتيره على مدار العام. وبذلك يمكن توقع تحقيق «العائد على الاستثمار» خلال ثلاثة إلى أربعة سنوات.

وحتى لو تجاوز العائد على الاستثمار فترة خمس سنوات، إلا أن صغر حجم الاستثمار مقارنة بكلفة امتلاك العقار تجعل من الاستثمار فيه أمراً مجدياً للغاية.

معلومة صغيرة أختم بها صعبة الهضم لكنها حقيقة؛ أن الأنظمة هذه لا تعمل خلال انقطاعات التيار من شبكة الكهرباء، فلا يمكن الاعتماد عليها كبديل.

*لمعلومات أكثر أو للحصول على نسخة من دراسة الجدوى المشار إليها يمكن مراسلة باسم مباشرة على basem [at] aggad [dot] net

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية