قبل ما ترفعوا الأسعار.. كل سِت أشهر ولافتات الإستقلال المضيئة بخير‎

الإثنين 05 تشرين الثاني 2012

 

بقلم راني دبابنة

(عن موقع Jordanoholic)

سمفونية أردنية حفظها الشعب غيباً: رفع الأسعار لتقليص عجز الموازنه وارتفاع المديونية. وحكومة جديدة،  لكنها لا تختلف عن سابقاتها، تبحث عن مخرج لأزمة العجز الإقتصادي بحصر تفكيرها بـ”جيبة” المواطن من خلال رفع الأسعار وتقليص الدعم. لكن الجديد في هذه الحكومه كان التّنغيم على وتر إمّا رفع الأسعار أو خفض سعر الدينار الأردني – لا سمح الله!

لأني شخصياً “تبع” أرقام، بحثت ووجدت أن هيكل النفقات العامه للعام الماضي، وهو قريب من معدله للسنوات السابقة، كان 84% للنفقات الجارية و 16% فقط للرأسمالية ليكرّس مفهوم أننا شعب مستهلك وغير منتج، مع أن الصرف الصحيح على المشاريع الرأسمالية سيرفد موازنات السنين القادمة ويعزز مبدأ الاكتفاء الذاتي. والأدهى من ذلك أيضاً، أن معدل الصرف العام على الرواتب والتقاعد الحكومي هو 30%، بينما معدل الصرف على الدعم هو 8%، وكلاهما مع الإنفاق على الأمن يستحوذون على النسبة الأكبر للإنفاق الحكومي، لكني لن أطلب تخفيض الإنفاق -المدروس- على الأمن في هذه الفترة أو غيرها، لأنه حظنا السيء في منطقتنا المشتعلة.

كل هذه المصروفات الحكومية، إلى جانب معدل الهدر العام في الموازنات والبالغ 15%، يشير إلى الحاجة الماسة لإعادة هيكلة الموازنة بأكملها للخروج من الأزمات الإقتصادية المتعاقبة، لأن كل هذه الأرقام وغيرها ومن ثم توجه الحكومه الحصري لرفع الأسعار وكأنه الحل الأوحد لتقليص العجز بيخلي الواحد يطير “ضبان” عقله! رفع الأسعار لن يكون سهلاً هذه المرة خصوصاً بعد الحيرة بين رئيس الوزراء والملك في المرة السابقة!

تصويب الأوضاع الخاطئة لا يكون على حساب المواطن فقط، بل على النظام الحكومي أيضاً، التقشف يعني التقليل من جميع بنود النفقات وليس من بند واحد فقط، فالتقشف ليس محصوراً على عامة الشعب وكأن الحكومه وأجهزتها خط أحمر لا تتقشف أبداً “بلاش تبرد”.

من خلال عصف ذهني مع الكثيرين يخطر بالبال الحلول والأفكار التالية (شاركنا بأفكارك أيضاً) كاقتراحات لتخفيض العجز في الأردن بدون رفع أسعار:

– زيادة الصرف على المشاريع الرأسمالية بطريقة مدروسة ومنظمة، عشان ما يطلع مثل مية الديسي أو الباص السريع، ومن أهمها المفاعل النووي السلمي الذي سيرفد الطاقة في الأردن – مشكلتنا الأزلية.

– تقليص الصرف الحكومي على الرواتب الجارية – إذا المسؤول أخذ ألفين بدل عشرين ما رح يموت من الجوع.

– تقليص الصرف الحكومي على التقاعد: إلغاء التقاعد لمجلس الأمه، تأجيل التقاعد حتى سن 65 وهو سن التقاعد المفروض على المواطنين جميعاً – فهل معقول أن يتقاعد مسؤول قبل الأربعين؟

– تقليص استهلاك الحكومة بشراهة للنفط والطاقة: استبدال السيارات الفارهة بسيارات أكثر اقتصادية، تقليص عدد السيارات الحكومية. فالحكومة – المؤسسة الأردنيه الأكثر استهلاكاً للطاقة – كانت قد صرفت 13 مليون دينار أردني على فاتورة بنزين سياراتها فقط في أول 5 أشهر من العام الحالي – منهم 11 مليون بنزين 95!

– تقليل رحلات الوفود الرسمية الحكومية – بداعي وبلا داعي، والمياومات وعدد المرافقين. تخفيض تذكرة المسؤولين من الدرجة الأولى والأعمال إلى العادية – شو المشكلة؟

– معالجة الترهل الحكومي والبطاله المقنعة بتخفيض عدد الموظفين الممكن الاستغناء عنهم، ودمج المؤسسات المستقلة المبعثرة.

– إعادة كل ما نُهب من المسؤلين السابقين، في قضايا مكافحة الفساد. ووقف الهدر العام للموازنات.

– إعلان وتحديد وخفض نفقات الديوان الملكي الأردني.

– ضريبة على الوافدين، ومنع تملّكهم لعقارات بدون شريك أردني – في ناس بتقلك ما بنسكّن أردنية!

– بدلاً من تطبيق قانون الزوجي والفردي على السيارات الخصوصية “وتِفلمونا”، المفروض تحسين شبكة المواصلات إذ عندها سيستخدم المواطن المواصلات العامة ليوفر بنزين على نفسه وطاقة على البلد.

– بعد عشرات السنين من عيش الحكومه على جيبة المواطن من خلال الضرائب، وعلى المساعدات الخارجيه، ما زال الجميع يطلب توضيح لآلية الإنفاق ويسأل أين تذهب كل هذه المساعدات؟

أخيراً وليس آخراً، أنا لست ضد الاحتفال بالإنجازات الوطنية الأردنية، ولكني ضد الإحتفال بها لمدة ستة أشهر، فأصبح الإحتفال أكبر من الإنجاز! وليس من المعقول أن ترفع الحكومه الأسعار أو “تهدّد” بانخفاض سعر صرف الدينار، وهي تبذّر كل هذا التبذير وكأننا دولة نفطية، وليس من المعقول أن تحذر بأن وضع الكهرباء في الأردن حرج “جداً” بعد مصيبة الغاز المصري، وثم تُبقي يافطات عيد الاستقلال مضيئة لـستة أشهر بعد العيد – حتى لو تبرع بها رجل أعمال أردني، فهذا هدر للطاقة ويساهم في تفاقم المشكلة الاقتصادية التي هي الأشد خطراً على النظام في الأردن أو أي نظام في العالم.

إذا بقيت يافطات ال66 مضاءة، و بقي العجز الظالم والمظلم حاصل، قد نستطيع أن نضيء رقم 67 في العام القادم لكننا بالتأكيد لن نضيء 68 لأنه عندها سيكون بصيص الأمل قد مات.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية