لماذا لم أنزل يوم ٢٤ آذار ٢٠١٢

الأحد 25 آذار 2012

بقلم حسّان الخطيب

بدهاء النساء تحسست زوجتي رأسي بحثا عن اثر جرح قديم، و باركت لي بسنوية ٢٤ آذار. وسألتني عن موعد نزولي لدوار الداخلية فاكتفيت بالابتسام و طمأنتها بأنني لن أذهب.

قرب الساعة الرابعة و رغم عزمي على عدم الذهاب وجدت نفسي متجهاً إلى دوار الداخلية، ما غيرو، و لكن هالمرة زيّنوا الدوار بأسوار من حديد وجنود درك يقومون بحركات مسرحية من المفترض أن تشعرنا بقرب الحرب على إسرائيل.

التجمع هذة المرة كان بجانب الريجنسي ووجدت منصة نصبت ورجل يتحدث نيابة عن حزب لا يمثل جرحي المندمل ولا يمثل وجعي اللي عمره سنة إلا يوم. ووجدت حواجز بشرية أمنية على طول الساحة تحجز رؤية ما يحدث داخلها وكأنه فيلم إباحي لا يرغبون لسائقي السيارات أن يشاهدوه.

سألت نفسي مرة أخرى لماذا لم أنزل ولماذا توقفت عن الذهاب للمظاهرات؟ جوابي كان مكسوراً ومهزوماً فبعد ٢٤ آذار ٢٠١١ ومظاهرة ساحة النخيل وجدت نفسي أتصرف تبعا لنظريات كنت أرفضها و لكن أثبتها غباء النظام الأمني وسياسة التخوين السياسية. فالشعب مسكون بسؤال “عفوا الاصل من وين؟” وأغلبية صامتة تفضل السكوت والمراقبة على المشاركة برأي.

نجحت الثورة بمصر و تونس لانها تكلمت باسم شعب واحد لا نخب ثقافية ولا قيادات اسلامية. كلهم همّهم واحد وقفوا صفا واحدا. أما هنا فالشعب شعوب تتحكم بها نزعات عشائرية وإقليمية ومنافع فئوية وتخدير مقصود.

نعم هزمني اولئك الذين يخططون لفساد الأوطان وليس ال”موبتس” – الدمى التي لا تتحرك إلا بعد إشارة البدء.

لم يهزمني حجر رماه جاهل على ابن جلدته ولم يهزمني طوب رمي من طابق ثالث من مغرر به. لم تهزمني خشبة بناء ضربني بها دركي ولم يهزمني كلام سافل وجهه لي دركي آخر. ولم تهزمني كلمات أزعر ونظراته استهزاءً بالدم الذي غطى وجهي ولم تدفعه المروءة لأخذي للمستشفى بدلاً من الاحتفال بضرب شباب تربطه بهم قرابة و لو ببعد النهر.

هزمني شعب برر لنفسه أن يقوم ضد نفسه، هزمتني الاستكانة لغطرسة الدرك بحقوق البشر، هزمتني لجنة حقوق الانسان التي لم ترد على شكواي، هزمني أن القانون ليس فوق الجميع ، هزمني ان الاعتداء علينا يوم ٢٥ آذار استغلته حركات سياسية.

يوم ٢٤ آذار كان يوم اختلطت به الكوفيات ورسمت فلسطين والأردن بالشموع. وغنى الشباب لموطن الجلال والجمال والسناء والبهاء، يوم تجسدت به أخوة تمهد الطريق للكرامة، يوم كبر به الشباب فوق مخططات صبيانية وضيعة، للأسف ظهرت بمدعاة حماية الأمن والمواطن.

لم نبقى هناك كما هتفنا لأن الخوف والخرف فتك بمؤسسات ظلماً سميّت رسمية، امتهنت الزعرنة والعنف واقتلعت شبابا كالورد من الدوار واستهانت بكرامتهم التي ما تزال فوق السماء وزرعت ورداً حديدياً لم يفلح بمباهاة الدحنون على قبر خيري جميل!

يوم ٢٤ آذار يوم أحسست أن كل بلاد العرب أوطاني ومساء ٢٥ آذار أمسيت مواطناً مهزوماً من أعز الناس له، أهله.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية