شاهد شاف كل حاجة

الإثنين 26 كانون الأول 2011

بقلم تيسير الكلوب

ملاحظة: أكتب هذه المدونة بكل تجرد ومصداقية، بعيدا عن التعاطف مع أي فكرة أو تغييباً لأي حقائق، ولم يخبرني أحد بل شاهدت بعيني كل شيء.

الجامعة الأردنية التي أفتخر أنني درست فيها والتي أنعم الله علي أن أعود إليها طالبا مرة أخرى في مرحلة الدراسات العليا كنت شاهدا للمرة السادسة في حياتي الجامعية ليوم من أيام انتخاباتها الطلابية، وهذه المرة أحببت أن أروي بعضا من ما شاهدته وعاينته، وبعضا من ما جال في خاطري وعرض أمام شاشة بث قناتي اليومية.

الجامعة الأردنية والتي أحب دائما أن أعرفها مقتبساً تعريف رئيسها السابق الدكتور خالد الكركي “هي شغف الأردنيين للتعلم”، وهي قرية صغيرة تحوي كل الأردن فيها من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه، تشعر بأنك تمشي على بقعة صغيرة ضمت المجتمع الأردني كله، فعندما تتخرج منها تكون خبيرا بكل العوالم البشرية التي ستحتك بها.

أما يوم انتخابات اتحاد الطلبة فكان يوما حافلا بالأحداث والمغامرات، ولا أريد أن أقول المشاكل والتجاوزات فهذه لغة لا تحب إدارة الجامعة أن تضاف إلى قاموس خطابها الإعلامي، فالتشاجر على باب الصندوق هو تدافع، ومنع الطلبة من الوصول إلى القاعة هو تزاحم، وإطلاق الأعيرة النارية هو صياح وهتافات انتخابية، وتكسير واجهات زجاجية في مبنى بعض الكليات حدث سهوا.

معالي رئيس الجامعة أود أن أرسل لك هذه الرسالة وأنت في مكتبك الذي يطل على الجامعة الأردنية، لعلك تقرأ شيئاً مما وراء ما حدث، فأورد لك يا معالي الرئيس بالإضافة لما تتصفحه يومياً من التقرير الإخباري عن الجامعة الأردنية الذي تعده لك دائرة العلاقات العامة والإعلام والذي يعج بتحليل وأخبار وتصريحات تخلو من صوت طالب وطالبة رأوا ما لم تشاهده عيناك في جولتك الميدانية.

لم ترى عيناك دموع الطالبات التي انهمرت عندما منعن من دخول قاعة الانتخاب للإدلاء بأصواتهن بعدما عجز عميد الكلية ودكاترة القسم ومسؤول الأمن الجامعي ورئيس اللجنة العليا للانتخابات ومديرة دائرة العلاقات العامة وأفراد الأمن الجامعي عن ضبط الأمور، فما صدقتك الوعود أن تمر الانتخابات في هذا القسم بكل يسر وبلا مشاكل وصدق ذلك الشاب في تهديده عندما خاطب هؤلاء الطالبات “إذا بدكو تصوتو ل (اسم المرشح لن أذكر اسمه للحفاظ على تجرد الفكرة في المقال) ما رح تفوتوا أبدا على الصندوق”.

سيدي الرئيس لقد وصلنا والحمد لله إلى مرحلة متقدمة في إدارة العملية الانتخابية حيث لم يتمكن الطالب أن يدخل إلى قاعة التصويت لأداء أبسط حق له وهكذا  تفشل كل العملية الانتخابية ويصبح العرس عزاء إذا أمسى الدخول إلى قاعة الاقتراع مستحيلا لك إلا بمشاجرة أو أن تكون ناخباً سيدلي بصوته للمرشح الذي فتح باب الاقتراع فقط  لدخول ناخبيه ليضمن الفوز.

الدكتور عادل الطويسي، إن الأمن الجامعي الذي يبرع في متابعة تحركات الحركات الطلابية في الجامعة الأردنية وإفشال العديد من النشاطات الطلابية لهم على مدى سنين فشل فشلاً ذريعاً في فتح باب قاعة التصويت بشكل عادي أمام الطلبة للاقتراع، بينما ينجح في مواجهة المسيرات الطلابية ويفشل في فض مشاجرات العنف الجامعي داخل الحرم الجامعي، ويحقق أيضا إنجازات تحترم في التدقيق على هويات الطلاب النشطاء في الجامعة قبل أن يدخلوا حرمها بينما يفشل في منع المفصولين منذ سنين من أن يسرحوا ويمرحوا ويديروا الأجواء الانتخابية.

ولا أظن أنك شاهدت المظاهر القتالية وكأننا على جبهة حرب، فالشباب الذين كانوا يرتدون الفوتيك العسكري وما جلبوا لها إلا انطباعا سلبيا بعيون الطلبة بسبب تصرفاتهم العدوانية وسلوكياتهم الهمجية من اعتداء وصراخ لتشطب من مخيلتهم الصورة الجميلة لذلك الفارس الوطني الذي يرتديها يحمي حدود الوطن، وأضيف إليها الملثمون بالشماغ الأحمر الذي أمسى لباسا يستخدم لتغطية معالم وجه الشخص الذي يستعد للاعتداء على أحد الطلبة أو ينوي افتعال مشكلة ويخشى أن تكشف هويته وهو لا يعلم أنه وإن كشفت هويته لن يحدث له شيء.

ولا أظنك كنت مشغول البال بعد صدور النتائج وأنت تنتظر المؤتمر الصحفي الذي تقيمه العمادة عادة بعد انتهاء الفرز في جميع الكليات عن الطلبة الذين بقوا محتجزين داخل أحد الكليات لا يستطيعون الخروج منها خوفاً من الاعتداء من قبل أحد المؤازرين لمرشح خاسر فما كان الحل إلا أن يخرجوا من الباب الخلفي للكلية.

ولكني أظنك سمعت البث المباشر لأثير إذاعة الجامعة الأردنية التي كانت السماعات على شرفات نوافذ الكليات تبث طيلة اليوم الانتخابي تغطيتها لهذا اليوم، ولم تخلُ من أسلوب تجميل اليوم الانتخابي فكان الصوت الذي يخرج من السماعات يكذب الصورة التي يشاهدها الطالب بعينيه.

معالي الرئيس أنا لا أريد أن أحملك ما لا طاقة لك به، إذ أن ما حدث بات أمراً اعتيادياً برأيي وليس بغير طبيعي، فغير الطبيعي أن لا يجري أبداً الذي ذكرته في الأعلى فنحن اعتدنا أن يكون هذا اليوم الانتخابي، ولا أستغرب كل ما حدث فعلي أن لا أنسى أن ألية إدارة الجامعة الأردنية وتفاعلها مع الأحداث تشبه أسلوب إدارة الدولة في الأردن، ابتداء من سياسة رأس النعامة وأقصد هنا إهمال جميع الأحداث التي قد توحي باحتمالية وجود مشاكل يوم الانتخابات مع التأكيد على أنه تم تنبيه الجامعة بأسماء الأقسام وكالعادة يتم أخذ كل هذه التنبيهات بدون أي اهتمام يذكر، ونضيف إلى ذلك سياسة الترقيع التي تتم عند وصول الرئيس لموقع الصندوق فتختفي كل المشاكل ويتصدر كل المسؤولين المشهد مؤكدين على استتباب الأمن، وعندما تذهب لتخاطب الرئيس وتبين له ما يحدث يرد عليك بثقة أن الأمور تمام، وتعود لتؤكد عليه أن الأمور تمام في حضوره فقط وينتهي النقاش بدون أي نتيجة.

الجامعة التي تحوي داخل أسوارها شعبا من الشباب الأردني المتعلم دقت ناقوس الخطر قائلة أن الإصلاح لا يجب أن يكون أبداً بمعزل عن العالم الذي يعيش داخل أسوار الحرم الجامعي.

 

 

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية