كلمة حق تقال في سياسات الحكومات الأردنية في السنوات الماضية

الأربعاء 02 تشرين الثاني 2011

بقلم فادي زغموت

أحياناً، في حياتنا العادية، وعندما نشحن نحو شخص معين لخطأ قام به أو لأي سبب آخر فان تلك المشاعر السلبية تتراكم و تتضاعف مع المحيط حولنا فلا نعود نرى الخير في ذلك الشخص. في العديد من الأحيان أيضاً، وعندما يصبح انتقاد ذلك الشخص عادة محببة لمجموعة الأصدقاء من حولنا فإننا لا نعود نفرق بين الحق والباطل في انتقاده ويصبح شتمه والتقليل من قيمته دافعاً لأحاديثنا ورابطاً لدوائر اجتماعاتنا. ذلك ينطبق اليوم على حال الحكومات الأردنية المتعاقبة وخاصة مع انطلاق الربيع العربي والواقع المشحون بالسلبية للشعوب العربية من حولنا.

وهنا أنا لا أحاول أن أنكر الأخطاء المختلفة التي وقعت بها الحكومات المختلفة في السابق. كما أنني لست بصدد مهاجمة التحول الديمقراطي المنشود، حتى بما يحمله من أخطار اقتصادية وسياسية واجتماعية، فأنا أرغب بحكومة منتخبة تؤسس لدولة ديمقراطية كاملة. لكنني لا أرى فائدة من شيطنة الحكومات الأردنية ومن انكار الكم الهائل من العمل على تنمية مختلف القطاعات في هذه البلد في فترة العشر سنين الماضية خاصة وأنني كمواطن أردني شاب قد استفدت بشكل مباشر من السياسات الحكومية المنفتحة ومن عدة نواحي.

ربما هي سمة في شخصيتي التغريد خارج السرب، ولربما هي كذلك قدرتي على رؤية النصف الممتلىء من الكأس. في الحقيقة فانني أزعم انني قادر على رؤية حتى الربع الممتلىء من الكأس. لكن كلمة الحق تقال…

كنت ومازلت أحد المستفيدين من السياسة الحكومية لفتح ودعم قطاع تكنولوجيا المعلومات في العقد الماضي. عند تخرجي من الجامعة كانت الاستثمارات في هذا القطاع قد بدأت تهل على البلد والحاجة للكفاءات الأردنية كانت في أوجها. ومع أنني كنت قد درست علوم الحاسوب في الجامعة الأردنية، الا أنني كنت أفتقر للهفة كتابة أسطر الكود والبرمجة التي كانت عصب هذا القطاع. مع ذلك فانني وجدت عمل بشركة أمريكية اسست بالأردن بهدف بناء التطبيقات البرمجية للسوق الأمريكي. تلك الشركات انتشرت في ذلك الوقت وكانت تؤمن رواتب جيدة للخريجين الجدد تفوق الرواتب المتوسطة للقطاعات الأخرى.

دعم قطاع تكنولوجيا المعلومات أقر بواجب دعم قطاع الاتصالات وبالتركيز على البنية التحتية لشبكة الانترنت وكذلك واجب ضمان الحريات والانفتاح على شبكة المعلومات العامة. لذلك مع نضوج الانترنت وظهور المدونات والشبكات الاجتماعية فانني وجدتها فرصة أخرى تفتح أمامي لتنمية قدرات لم أكن واع بوجودها لدي. في الحقيقة فإن سياسة الانفتاح التي اتبعتها الحكومة الاردنية اسست لظهور مجتمع المدونين في الأردن ولنمو هائل للصحف الالكترونية في السنوات الماضية. كما أن التركيز على دعم هذا القطاع أسس لوجود مجموعة كبيرة من الشباب الرياديين الذين حملوا الأردن لريادة المنطقة في هذا القطاع الأكثر أهمية في وقتنا الحالي.

من عملي في بناء البرمجيات انتقلت للاستفادة من تشجيع الحكومة الاردنية للسياحة وخصوصاً فكرة اعادة تأهيل شارع الرينبو. كانت فكرة جيدة انتهاز إعادة احياء الشارع لافتح أول عمل لدي وهو محل “ليكي ليشس” لبيع البوظة والمرطبات. ومع أنني فشلت في اشتغلال تلك الفرصة لأسباب خاصة فإن العديدين غيري كانوا من المستفيدين وبشكل كبير من الطفرة التي حصلت للشارع وللمنطقة عموماً.
من هنالك انتقلت للاستفادة من السياسة الحكومية لدعم الاقتصاد الابداعي وانضممت لورشة تدريب في الهيئة الملكية للأفلام لتطوير قدراتي الكتابية لكتابة سيناريوهات للأفلام. يومها لم أكن قد قرأت كتاب الملك عبدالله الذي نشر حديثا ولم أكن أع بانها رغبة ملكية وسياسة حكومية لدعم الإبداع. لكنني استفدت يومها من التجربة كما استفاد قطاع كبير من الشباب الواعد المتحمس لايجاد وسيلة لنقل قصصنا واخبارنا للعالم. تلك التجربة أسست لقدراتي الروائية ومدتني بشكل من المعرفة التي ساعدتني على انجاز أولى اعمالي الروائية. كما أنني اليوم وبرغبة في تجريب أشياء جديدة في داخلي فانني استفيد من دورة تدريب لتنمية قدراتي التمثيلية في الهيئة.

تلك هي تجربة شخصية لاستغلال فرص معينة فتحتها السياسة الانفتاحية للحكومات الأردنية أمامي. في الحقيقة فان هنالك قطاعات أخرى عديدة ساهم الدعم الحكومي لها بايجاد فرص عمل للعديد من الشباب الآخرين أذكر منها المناطق الصناعية المؤهلة، تشجيع المستشفيات و الجامعات الخاصة، كلية روشيه لتعليم فنون الطبخ، تشجيع السياحة بشكل عام ومنها العلاجية بشكل خاص، التحول الوطني للاهتمام بالطاقة البديلة والواجب البيئي، و كثير على هذا المنوال.

لربما هو حق لنا كمواطنين بأن نطلب من الحكومة الأداء الأفضل، و لربما من واجبنا المتابعة والنقد والتوجيه، ولكن لربما وجب علينا أيضا أن نقف للحظة و لنراجع بقع الضوء في مسيرتنا، فالمشاعر السلبية المتراكمة قد تحجب عنا رؤية الواقع وتشدنا الى الوراء.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية