عصابتان في عمان

الأربعاء 29 حزيران 2011

بقلم – نجيب كايد

كتبت أمس على فيسبوك: أفضل ما بفضيحة الكازينو أنها كشفت للجميع أن المحافظين الجدد أكثر فساداً من أعدائهم الليبراليين الجدد. اليوم تعززت هذه القناعة بشكل كبير.

الوضع في الأردن محزن، ويكاد يختصر أحياناً بفريقين أو بالأحرى شلتين تخوضان معاركهما غالباً بصالونات المدعين السخيفة، وكذلك في الصحف والمواقع الإلكترونية وأحياناً في الشارع وفي مجلس النواب. والأمر المضحك حد البكاء أن أعضاء الشلّتين يسمون “نخبة”.

هذه “النخبة” التي تعيش في “الصالونات” يعرفها فقط من تتاح له الفرصة، كأن يكون صحفياً في عمان مثلاً، أما من هو ليس “عمّنجي أصلي”، فسيكون مصطلح “صالون” بالنسبة له يعني على الأغلب دكان الحلاقة، مع أنه سيكون الأكثر تأثراً بما تنتجه هذه الصالونات من مؤامرات ودسائس تحاك ليلاً وتخرج في الصباح على شكل رشاوى و”أسافين” ومقالات وفضائح ومداخلات نيابية وحكومات جديدة أو حكومات باقية.

كل شلة لها أركان ومنظرون وكتاب، وأيضاً حلفاء ينقلبون عليها عند كل منعطف، والظريف أن كل واحدة اكتسبت اسمها من عدوتها، فالليبراليون الجدد سمّوا أعداءهم المحافظين من باب وصمهم بالتخلف، فاعتبرها الفريق الثاني مدحاً وارتضى الاسم، بينما قام بتسويق لفظة ليبراليين كمرادف لـ “سمسار حرامي”. ومع أنه لم يحاكم أحد منهم إلى الآن، إلا أن الأردنيين بشكل عام يشعرون أنهم سرقوا من قبل الليبراليين. بالمقابل لا أجد أبلغ من “نادي العنصريين المرضى” كترجمة لمصطلح المحافظين الجدد في الأردن، الذين يعتبرون كل من ليس معهم خائناً للوطن ومن جماعة الوطن البديل.

المحافظون كانوا مملين أول أمس عند مناقشة قضية الكازينو. فقد ملؤوا الدنيا ضجيجاً حول المؤامرة التي تعرض لها البخيت من قوى الشد العكسي، أعداء الإصلاح، جماعة صندوق النقد الدولي، واضعي العصي في الدولايب، مغرقي المراكب السايرة، وكانت الصدمة عندما دفعوا بعبارات تقوم على منطق عجيب، من نوع: “هل يعقل أن يحاسب البخيت ولا يحاسب باسم عوض الله؟”، والأسوء أن الأمور وصلت بهم حد توظيف مهنة “المقاول” كمذمة عند الحديث عن النائب خليل عطية.

أما الفريق الثاني فكان “دمهم خفيفاً”، وأضحكونا كثيراً وهم يلقون المواعظ ويستنبطون الأحكام حول حرمة القمار، ويستدلون بالآيات الكريمة والأحاديث الشريفة حول نزع البركة من المجتمع الذي تتفشى فيه الفاحشة، وبعضهم أتقن الدور لدرجة أننا كدنا نصدقه.

أمس ظهر بشكل واضح أن قوى الشد العكسي ليست سوى العصابتين اللتين نخرتا المجتمع وأفسدتا الصحافة والحياة السياسية في السنوات الماضية. لديّ يقين أن الشعب سيجد طريقه إلى الإصلاح، الذي لن يكون طريق إحدى الشلتين، ولن ينطلق من عمان… عندها ستُفاجأ “النخبة” كما تفاجأت الأحزاب المصرية بقيام الثورة، وسيحاكم كثير من أعضائها وأذنابها بالطبع.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية