تحرير فلسطين مدنيا*: الكيان القلق

الإثنين 06 حزيران 2011

7

بقلم بشار حميض/ باحث في مجال المقاومة المدنية والطاقة

رأينا في الأيام الأخيرة كيف بدأ الكيان الصهيوني بحملة مناورات واسعة في منطقة الأغوار شمالي الضفة مجبرا سكان فلسطينيين على مغادرة بعض أجزاء المنطقة. كما بدأ الجيش مناورات في الجولان السوري المحتل استمرت أسبوعا لمحاكاة مواجهة مع احتجاجات شعبية. كل هذا جاء بعد أحداث 15 مايو 2011 البطولية التي أخذ فيها جيش الاحتلال على حين غرة، وتمكن عشرات اللاجئين اجتياز الحدود للعودة إلى بلداتهم في فلسطين. ويوم الأحد (5 يونيو) عاد الجيش ليطلق النار على المدنيين الذين جاؤوا لإحياء ذكرى النسكة لا يحملون سوى عدالة قضيتهم سلاحا في يدهم، ليهددوا به هذا الكيان الهزيل.

عادة ما نسمع عن قيام قوات الاحتلال بملاحقة واغتيال نشطاء المقاومة الفلسطينية المسلحة ، لكن الأمر نفسه يحدث الآن بحق النشطاء الذين يستخدمون وسائل لا عنفية في المقاومة. وليس هذا جديدا في تاريخ الكيان القمعي، فقد تعرضت المناضلة الأمريكية راشيل كوري للقتل من قبل القوات الإسرائيلية وهي تحاول وقف جرافة إسرائيلية مسلحة كانت تدمر منزل فلسطينيا في 16 مارس 2003 في رفح، كما أن السلطات الإسرائيلية لا تتوقف إلى اليوم عن عرقلة وصول الناشطين الدوليين المدنيين إلى الأراضي المحتلة.

تجربة مبارك عوض
أما المناضل مبارك عوض، الذي أبعدته إسرائيل عام 1988 بعد أن ساهم في إشعال جذوة الانتفاضة الأولى، فلديه تجربة طويلة ومهمة في المقاومة اللاعنفية ضد الكيان الصهيوني، وأود هنا أن أورد ما قاله لي في مقابلة أجريتها معه في إطار هذا البحث في أغسطس 2009، لأهميتها في سياق ما يحدث اليوم.

يقول مبارك عوض:
“إن إبعادي من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي بسبب استخدامي لوسائل اللاعنف هو بحد ذاته دليل مهم يؤكد جدوى استخدام اللاعنف. فالسلطات الإسرائيلية فكرت كثيرا قبل أن تتخذ قرار بإبعادي لأنها تعلم أن حركة اللاعنف يمكنها أن تنتشر في كل أنحاء فلسطين وأنها حينئذ لن تمتلك الوسائل التي تستطيع من خلالها التعامل مع هذه الحركة. فمعظم التدريب الذي تلقته سلطات الاحتلال كان على استخدام القوة والبندقية للقمع. ولم تدرب على السيطرة على الجماهير كما أنه ليس لديها القدرة البشرية الكافية لذلك، لذا فإن خوفها هو من أن تنتشر المقاومة اللاعنفية في جميع الأنحاء وأن تفقد الدولة الإسرائيلية قدرتها على السيطرة. ولا ننسى هنا أن الدولة في تلك الحالة لن تكون قادرة على مواصلة دعايتها التي تقول أن أعدائها هم الأشرار وعديمو الإنسانية ولا يستحقون إلا القتل لأنه إن لم تفعل ذلك فإن مواطنيها سيقتلون. إن الذين سيستخدمون وسائل اللاعنف قادرون على تغيير المعادلة بشكل جذري.”

لقد قال مبارك عوض ذلك في 2009، أي قبل اندلاع الثورات المدنية العربية التي اسقطت ولازالت تسقط أعتى الأنظمة البوليسية في التاريخ، ولكننا الآن نرى أفكاره تطبق على أرض فلسطين، وهو الذي كان قد دعى منذ عشرات السنوات إلى هجر المخيمات والعودة الجماعية إلى فلسطين.
إن الكيان الصهيوني فعلا لا يعرف إلا منطق العنف، أو بالأحرى يريد من خصمه أن يستخدم العنف لأنه يعلم أنه متفوق عليه في ذلك، وهو في ذلك يشابه أي نظام بوليسي قمعي آخر، لذا فإن المسير في درب المقاومة المدنية غير العنيفة يعني أن المجتمع الفلسطيني سيبدأ بأسلوب جديد في الصراع لا يعتمد على قواعد اللعبة التي يضعها له الكيان، وهذا سيكون سر التفوق الفلسطيني في المواجهة القادمة.

—–

* هذه سلسلة مقالات منبثقة عن بحث حول استراتيجية للمقاومة المدنية لتحرير الإنسان على كامل أرض فلسطين. ستعالج المقالات بالترتيب المواضيع التالية: ماهية المقاومة المدنية وفلسفتها، العسكرة والمقاومة المدنية في التاريخ الفلسطيني، هل حان وقت المقاومة المدنية؟ فعالية المقاومة المدنية، أسس المقاومة المدنية في فلسطين، تمكين المقاومة بالثورة الخضراء والمدن والقرى المستقلة ذاتيا من حيث الطاقة والمياه والغذاء.

تُنشر هذه السلسلة هنا بالتنسيق والتعاون مع موقع “قاديتا”


رابط للمقال الأول

رابط للمقال الثاني

رابط للمقال الثالث: فلسطين التي نريد

رابط للمقال الرابع: دقت ساعة الانتفاضة

رابط للمقال الخامس: عائد إلى يافا

رابط للمقال السادس: تشويش على الإصلاح!

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية