عيون مها

الأحد 06 حزيران 2010

عبد الهادي الشناق*

عيناها حائرتان… تحسب الدمع سيتدفق منهن، بالفعل ما أجملها؛ وتوج هذا الجمال العربي بتلك الأعين .
سألتها عن إسمها ؟
شهقت، ثم قالت :
” مها عمو ”
هنا سالت الدمعة على خدي، ولم أعرف لحظتها ما ألم بي ؟ وماذا سأفعل ؟
إنها تبكي بخفاء، فربما لم تحصل على ما تريد (لعبة، حلوى …) ولهذا تبكي… ربتُ على رأسها فإبتسمت، ومن ثم سرت في طريقي، وما أن إبتعدت بضع أمتار حتى سمعت دوي إنفجار يخرج من فاه أم مها :
” يا (…) “، ومن ثم قامت بصفعها على خدها، وما إن جهرت “مها” ببكاءها؛ حتى تلقت المزيد من الضربات (البدنية واللفظية) المصحوبة بجملة: ” ليش بتبكي … فضحتينا أمام العالم”.

كثيراً ما تتكرر هذه المشاهد، وهذه صورة من الواقع هناك منها ما هو أشد، فبين أفراد بعض الأسر نسمع جمل وعبارات كلها إساءة للأطفال (غبي، كذاب، ألقاب تنقص من قيمة الطفل ويستاء منها، فضلاً عن تشبيهه بالحيوانات بهدف الإستهزاء)، يقومون بذلك دون الوعي بالآثارها السلبية الواقعة على الأبناء ، ولتكون سبباً في انحرافهم أو فشلهم وقلة ثقتهم بأنفسهم أو أمراضهم النفسية التي من الصعب الإستشعار بها في الوقت الحاضر.

لو يدرك كل واحد فينا خطورة ذلك لإستبدل العبارات السلبية إلى عبارات ايجابية تربوية هادفة تتضمن الإرشاد السوي البعيد عن الإساءة بشتى صورها.

إن ما يجلب الإستياء للقلب هو ما يردده أولئك: ” أبني أفعل به ما أشاء” أو “هيك ربونا أهالينا ”  والكثير من هذه الجمل البالية التي إمتهنوهوا لتبرير ما يقومون به تجاه أطفالهم .

يتمثل سيناريو ” مها “المتكرر في حالة الاعتداء الجسدي بفقدان الوالد أو الوالدة السيطرة على أنفسهم و ضرب الطفل، وردة فعل الطفل طبيعية (بكاء ظاهر أو مشاعر دفينة في أنفسهم)، وهناك من يترك أثار واضحة للعيان إلى جانب الأثار النفسية كوجود كدمات، الحروق، كسور (في الجمجمة و العظام الأخرى) ، وهناك من الإساءات اللفظية أو الجسدية وغيرها ينجم عنها الوفاة… فكم من طفل مات بحصرته ؟ وكم من طفل إنقطع نفسه من كثرت البكاء ؟ وكم من طفل لقي حتفه بعد نزيف حاد ؟ أو جراء لكمة على منطقة قاتلة من جسده ؟ ناهيك عن الشعور القاتل الناجم عن الإساءة الجنسية ؟ وكم وكم وكم .

لنقارن الاساءة الى الطفل المؤدية للوفاة مع جرائم القتل العمد، لا فارق، بل إن قاتل العمد قد فقد صوابه وتأثر… ولكن ما ذنب طفل همه أن يلعب ويضحك…  قاتل العمد يقتل… وقاتل الطفل يخفف عنه العقاب ؛ هذا هو حالنا ، وما يجب أن يكون هو: “انزال عقوبة الاعدام على كل مسئ ادت اساءته الى وفاة طفل ولتشدد العقوبات كي تردع كل من ينوي الإساءة لطفل، لا أن تعدل الى ” ضرب مفض الى الموت “، وبالنهاية حكم مخفف وتكرار سلوك مسيء للأطفال هنا وهناك.

“مها” كغيرها من أطفال إنتشروا ليملؤوا الأرض بهجةً وسرور، جاؤوا إلى حياة نحن من رسمها لهم، فساروا على نهج ما رسمناه، لبوا النداء حينما طلبنا منهم ما هو فوق طاقتهم ونحن نعلم، همهم إرضاءنا لنيل السعادة… يبسمون لك كي تبتسم لهم… لم يدركوا بعد معنى الحياة… لما نقابلهم بالإساءة بدلاً من أن نقدم لهم الآمان ليعيشوا بسلام… هل قست القلوب أم ماذا ؟.

“مها” وأقرانها ينادوكم من كل صوب “احموا طفولتنا ” ، ” لا نريد سوى أن تتفهموا مشاعرنا ، تفتحوا قلوبكم لنا، تسمعونا “، مشددين القول: ” لا تضربونا … نحن أطفال، وكما يقال: (عظمنا طري)، إحمونا فنحن أطفال”.

*قائد في برنامج لأجيال قادرة ” 2010″

Wonerding Child

تصوير سماح عرفات

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية