شو رأيك بحياتك في فلسطين؟

السبت 06 شباط 2010

Photo by RustyStewart.

Photo by RustyStewart.

بقلم: سائد كرزون

أتحدث في اليوم العادي مع عدد لا باس به من الشباب و الصبايا، و لاحظت مؤخرا ازدياد عدد الراغبين بمغادرة فلسطين و السفر إلى أي مكان كان، فقط للخروج من هذه المنطقة المحظورة، حينها شعرت أنني بحاجة كي اطرق باب ذاكرتهم و أن اسألهم سؤالا عاما محددا؛ شو رأيك بحياتك في فلسطين؟

إجاباتهم كانت:

م.ع: ” ما بعتقد انو هاي اسمها حياة. اكسجين في، و تنفس في، و أكل في و شرب في عند البعض، و هاي الأمور كل مخلوق بسويها، و مني و علي فلم أصل للحياة بعد”.

ف.ظ: ” انو شو ما كانت ظروفنا هون، بس ما بقدر أعيش بأي مكان تاني بالعالم و مستحيل. بعشق هالبلد”.

و.ط: ” إحنا أحسن من غيرنا، مع انو مش هاي الحياة الي تمنيناها”.

ح.م: ” كل يوم بشوف الجنود والحواجز وما بحس إني مرتاحه من الناحية النفسية .. والوقت بضيع من غير فائدة وهادا بأثر على تفكيري وحياتي الخاصة .. والمجتمع مو كتير أفكاره بناءه حتى طرق التعامل بحس إنه لازمها إعادة صياغة .. أنا بتمنى أطلع من البلد وأشوف وأتعلم من الآخرين وأطور أفكاري وأفيد بلدي بطرق كتيره”.

و.و: “الدور الأكبر لقبولنا حياتنا هو شخصيتنا وإرادتنا على الحياة بغض النظر المكان الي احنا فيه، ومرات كثيرة الحياة الصعبة هي الي بتحثنا على الإبداع”.

و.و ” بدي أضيف كمان انه كل شي اله وجهين بهالكون …. ومقدرتنا على اختيار الوجه المناسب لرؤية اي موضوع هو الي بحدد مين احنا”.

خ.ج: ” انه حياة الشاب الفلسطيني محدودة ومقيدة”.

ص.ق: “انتمي لهذا البلد حتى النخاع كل مكان بطبيعة الحال ما بيكون فيه كل الي بنتمنى لكن الشي البسيط الي ممكن يتوفر النا كشباب احنا الي بنصنع منه شيء عظيم”.

ص. د: ” وأود أن أضيف شيئا بسيطا وهو رسالة صغيرة لكل من وصفوا حياتهم في فلسطين بالقاسية والصعبة، وشكوا من قلة الفرص وشح الأمل .أقول لهم لو تتبعوا كل نجاحات العظماء من قادة وعلماء وكتاب وأدباء ومخترعين ورسامين وموسيقيين ورجال دين لوجدوا بأنهم جميعاً ولدوا في أماكن لم تتاح فيها الحياة السعيدة الهانئة”.

فلماذا هذا الاختلاف؟

ما أن ينتهي الشاب أو الصبية من مرحلة الثانوية و قلبه ينتظر السفر، فان أحلامه تبدأ برسم مخطط هندسي كامل عن مكان سكنه الجميل، و أصدقائه الجدد، و عالمه الخيالي، و شهرته في ذلك المجتمع، و تسرقه تلك الأحلام إلى ما ابعد في وصف سحري للحرية و الخروج من نطاق مجتمعه و عين الرقيب، و إيجاد فسحة التنفس.

و من ثم لسبب أو لآخر، تفشل هذه الأحلام، كي يرى نفسه في إحدى الجامعات الفلسطينية يدرس تخصصا لم يكن يخطط له أصلا، لان أحلامه خارج البلد خططت عنه، و لأنه وقت الدراسة لم تكن مدارسنا تعلمنا طرق الاختيار الصحيحة. يمر بأربعة أو خمسة أعوام في الدراسة” قرفان حالو” و بعد أن يلبس رداء التخرج يلتقي بحياته المهنية. يستيقظ صباحا بطاقة سلبية متأرجحا بين النعاس و الكسل. ينطلق راشدا و من ثم يعود إلى بيته مودعا.

يظن الكثيرون أن الانتقال إلى دولة أوروبية أو أمريكية، هو الخلاص من هذه العيشة المقيتة، الانتقال من الكبت إلى الحرية، الخروج من نطاق العائلة و السيطرة إلى المتنفس، البحث عن الأموال و كنوز علاء الدين، الشهرة و نجومية هوليوود. و لكن و عندما يحققون حلمهم بالهجرة أو انتقال فانهم يكتشفون أنها فقط أحلام.

السفر، و الانتقال من مكان لآخر من أفضل الجوانب الحياتية التي تعطيك خبرة لا مثيل لها، و فعلا أدعو إلى الخروج و الاستفادة و التعلم و العمل و لكن لماذا لا نعود بخبرة جديدة نفيد بها بلدنا و ننقل خبرتنا للآخرين؟

سالت سؤالي في بداية مقالي، كي أرى كيفية استخدام الطاقة الايجابية في حياتنا، و الانتقال من مرحلة الكسل و الخمول و الاعتماد إلى مرحلة الإنتاج و بذل القدرات واستغلال الفرص المتوفرة. أرى في فلسطين عنصر ايجابي و أفضل الأماكن لاكتساب الخبرة، جني الأموال، الشهرة، المناصب الرفيعة، المحبة، الصداقة، الترحاب، و كل هذه الأمور التي يبحث عنها أي شاب. كيف؟

جرب هذا: حاول أن ترسم البسمة على وجهك يوميا، و أن تتعلم كيف أن تنقلها لأصدقائك، لزملائك في العمل، اشعر بالطاقة الايجابية تسري في جسدك. متع نفسك بالوقت، حتى و لو كذبت على نفسك و قلت أنا سعيد، فقط رحب بالمشاكل و حلها واحدة واحدة، حينها ستشعر بالفرق و انجاز العمل.

بعدها حاول أن تذهب و تشاهد مسرحية، عرض موسيقي، فلم في السينما، امشي، استمع للموسيقى، و الأهم أن تتطوع في عمل و أن تصل إلى مرحلة التأثير الايجابي و انك تساهم و لو بقدر بسيط في تقديم عمل ما لنفسك قبلا و من ثم ستأتي النتيجة لاحقا.

يا جماعة؛ لفلسطين خصوصية عالية جدا من حيث صغر الحجم، الكل يعرف الكل، تتنقل بسهولة من هنا إلى هناك، و فيها إذا صنعت و خلقت فرصة ما، فان نجاحها أكيد. لا تنتظر أن تأتيك الفرصة و أنت في الفراش، تطوع، تعلم، بادر، صور، اكتب، اخلق جوك المجتمعي و ساهم في تغير حالة معينة. حينها ستشعر بقيمة نفسك و انك منتج، و ستنظر للحياة بطريقة مغايرة، بحب و تعطش، ستعمل لساعات و ساعات، فقط كي تنتج عملا و لو بسيطا، كي تنتظر تأثيره و ردود المجتمع، أما في الخارج، فانك في عالم عملاق من الأرقام و المعادلات المعقدة.

إن فكرة الانتماء، ليست مقتصرة على البقاء أو الخروج، بقدر أنها تحتاج إلى العمل، و خلق الفكرة من الفرص المتاحة، و بنظري أن هناك فرص كبيرة جدا، فقط علينا أن نجلس و نفكر جيدا و أن نخرج من نطاق الحديث فيها إلى تطبيقها عمليا.

كي انهي، لي صديق كان همه الأول السفر. في العام الماضي، بدا يتشجع و قدم فكرة. تعب عليها، و بعد اقل من شهر ُنشرت فكرته في كل فلسطين. أصبح يستقبل الرسائل الالكترونية من هنا و هناك، و استمر في العمل، و خلق فرصة و فكرة أخرى، زاد عدد المعجبين به، حينها شعر بقيمة ذاته في وطنه و انه لو كان خارج بلده لما قدره الناس، لأنهم يختلفون عنه و يختلف عنهم و لن يحمل هذه الطاقة نفسها بين مئات الأفكار و ملايين الناس هناك، و حينها قال لي” يا صديقي، أنا اعشق هذا البلد، و لن اتركه إلا كي أتعلم، وأعود كي اشعر بقيمتي الإنتاجية أكثر و أكثر”.

“تذكروا أن الثقافة هي ما نحتاجها كي نعكس وجهنا الحقيقي للعالم. نحن بشر، و الروح فينا، أما أن نكون باحترام، أو لا نكون، والأطفال يطيرون فوق الجدار، ومازالت أصابع الأكورديون ترقص وترقص وترقص في شارع الأوراق الصغيرة”.

 لتصلك أبرز المقالات والتقارير اشترك/ي بنشرة حبر البريدية

Our Newsletter القائمة البريدية